قوله تعالى: { وإِن كنتم في ريب }
سبب نزولها أن اليهود قالوا: هذا الذي يأتينا به محمد لا يشبه الوحي، وإنا لفي شك منه، فنزلت هذه الآية. وهذا مروي عن ابن عباس ومقاتل. و «إن» هاهنا لغير شك، لأن الله تعالى علم أنهم مرتابون، ولكن هذا عادة العرب، يقول الرجل لابنه: إن كنت ابني فأطعني. وقيل إنها هاهنا بمعنى إِذ، قال أبو زيد: ومنه قوله تعالى:
{ { وذروا ما بقي من الربى إن كنتم مؤمنين } [البقرة: 278]. قوله تعالى: { فأتوا بسورة من مثله } قال ابن قتيبة: السورة تهمز و لا تهمز، فمن همزها جعلها من أسأرت، يعني أفضلت لأنها قطعة من القرآن، ومن لم يهمزها جَعلها من سُورةَ البناء، أي منزلة بعد منزلة. قال النابغة في النعمان:
أَلم تر أن الله أعطاك سُورة ترى كل مَلْك دونها يتذبذب
والسورة في هذا البيت: سورة المجد، وهي مستعارة من سورة البناء. وقال ابن الأنباريّ: قال أبو عبيدة: إِنما سُميت السورة سورة لأنه يرتفع فيها من منزلة إِلى منزلة، مثل سورة البناء. ومعنى: أَعطاك سورة، أَي: منزلة شرف ارتفعت إليها عن منازل الملوك. قال ابن القاسم: ويجوز أَن تكون سميت سورة لشرفها، تقول العرب: له سورة في المجد، أي: شرف وارتفاع، أو لأنها قطعة من القرآن من قولك: أسأرت سُؤراً، أَي: أبقيت بقية، وفي هاء «مثله» قولان: أحدهما: أنها تعود على القرآن المنزل، قاله قتادة، والفراء و مقاتل. والثاني: أنها تعود على النبي، صلى الله عليه وسلم، فيكون التقدير: فأتوا بسورة من مثل هذا العبد الأمي، ذكره أبو عبيدة والزجاج وابن القاسم. فعلى هذا القول: تكون «من» لابتداء الغاية، وعلى الأول: تكون زائدة. قوله تعالى: { وادعوا شهداءكم من دون الله }
فيه قولان. أحدهما: أن معناه: استعينوا من المعونة، قاله السدي والفراء. والثاني: استغيثوا من الاستغاثة، وأنشدوا:
فلما التقت فرساننا ورجالهم دعوا يال كعب واعتزينا لعامر
وهذا قول ابن قتيبة:وفي شهدائهم ثلاثة أقوال.
أَحدهما: أنهم آلهتهم، قاله ابن عباس والسديّ ومقاتل والفراء. قال ابن قتيبة: وسموا شهداء، لأنهم يشهدونهم، ويحضرونهم. وقال غيره: لأنهم عبدوهم ليشهدوا لهم عند الله.
والثاني: أنهم أعوانهم، روي عن ابن عباس أيضاً.
والثالث: أَن معناه قأتوا بناس يشهدون ما تأتون به مثل القرآن، روي عن مجاهد.
قوله تعالى: { إنْ كُنتم صادقين } أي: في قولكم: إِن هذا القرآن ليس من عند الله، قاله ابن عباس.