التفاسير

< >
عرض

وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ
٩
-العنكبوت

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ووصَّينا الإِنسان بوالديه حُسْناً } وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو مجلز: وعاصم الجحدري { إِحساناً } بألف. وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء: { حَسَناً } بفتح الحاء والسين. روى أبو عثمان النَّهْدي عن سعد ابن أبي وقَّاص، قال: فيَّ أُنزلت هذه الآية، كنت رجلاً بَرّاً بأُمِّي، فلمَّا أسلمتُ قالت: يا سعد! ما هذا الدِّين الذي قد أحدثتَ، لَتَدَعنَّ دِينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموتَ فتُعيَّر بي فيقال: يا قاتلَ أُمِّه، قلت: لا تفعلي يا أُمَّاه، إِنِّي لا أَدَعُ ديني هذا لشيء، قال: فمكثتْ يوماً وليلة لا تأكل، فأصبحتْ قد جُهِدَتْ، ثم مكثتْ يوماً آخر وليلة لا تأكل، فلمَّا رأيتُ ذلك قلتُ: تعلمين والله يا أُمَّاه لو كانت لكِ مائة نَفْس فخرجتْ نَفْساً نَفْساً ما تركت ديني هذا لشيء، فكُلي، وإِن شئتِ لا تأكلي، فلمَّا رأت ذلك أكلتْ، فأُنزلت هذه الآية. وقيل: إِنَّها نزلت في عيَّاش بن أبي ربيعة، وقد جرى له مع أُمِّه نحو هذا. وذكر بعض المفسرين أنَّ هذه الآية، والتي في [لقمان:15] وفي [الأحقاف:15] نزلن في قصة سعد. قال الزجاج: مَنْ قرأ: { حُسْناً } فمعناه: ووصَّينا الإِنسان أن يفعل بوالديه ما يَحْسُن، ومن قرأ { إِحساناً } فمعناه: ووصينا الإِنسان أن يُحْسِن إِلى والديه، وكان { حُسْناً } أعمَّ في البِرّ.

{ وإِن جاهداك } قال أبو عبيدة: مجاز هذا الكلام مجاز المختصر الذي فيه ضمير، والمعنى: وقلنا له: وإِن جاهداك.

قوله تعالى: { لِتُشْرِك بي } معناه: لتشرك بي شريكاً لا تَعْلَمه لي وليس لأحد بذلك عِلْم، { فلا تُطِعْمها }.

قوله تعالى: { لَنُدْخِلَنَّهم في الصالحين } أي: في زُمرة الصَّالحين في الجنة. وقال مقاتل: «في» بمعنى «مع».