قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً من دونكم } قال ابن عباس، ومجاهد: نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصافون المنافقين، ويواصِلون رجالاً من اليهود لما كان بينهم من القرابة، والصداقة، والجوار، والرضاع، والحلف، فنهوا عن مباطنتهم. قال الزجاج: البطانة: الدُّخلاء الذين يستبطنون [أمره] وينبسط إليهم، يقال: فلان بطانة لفلان، أي: مُداخل له، مؤانس. ومعنى لا يألونكم: لا يتقون غاية في إلقائكم فيما يُضرُّكم.
قوله تعالى: { ودُّوا ما عنتُّم } أي: ودُّوا عَنتكم، وهو ما نزل بكم من مكروه وضرٍ، يقال: فلان يعنت فلاناً، أي: يقصد إدخال المشقة والأذى عليه، وأصل هذا من قولهم: أكمةٌ عنوتٌ، إذا كانت طويلة، شاقة المسلك. قال ابن قتيبة: ومعنى { من دونكم } أي: من غير المسلمين. والخبال: الشر.
قوله تعالى: { قد بدت البغضاء من أفواههم } قال ابن عباس: أي: قد ظهر لكم منهم الكذب، والشتم، ومخالفة دينكم. قال القاضي أبو يعلى: وفي هذه الآية دلالة على أنَّه لا يجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة، ولهذا قال أحمد: لا يستعين الإمام بأهل الذِّمة على قتال أهل الحرب. وروي عن عمر أنه بلغه أنَّ أبا موسى استكتب رجلاً من أهل الذمة، فكتب إليه يعنفه، وقال: لا تردوهم إلى العزِّ بعد إذ أذلهم الله.