قوله تعالى: { اذْكُروا الله ذِكْراً كثيراً } قال مجاهد: هو أن لا ينساه أبداً. وقال ابن السائب: يقال: { ذِكْراً كثيراً } بالصلوات الخمس. وقال مقاتل بن حيَّان: هو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير على كل حال: وقد روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"يقول ربُّكم: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه" . قوله تعالى: { وسَبِّحوه بُكْرةً وأَصيلاً } قال أبو عبيدة: الأصيل: ما بين العصر إِلى الليل. وللمفسرين في هذا التسبيح قولان.
أحدهما: أنه الصلاة، واتفق أرباب هذا القول على أن المراد بالتسبيح بُكْرة: صلاةُ الفجر.
واختلفوا في صلاة الأصيل على ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها صلاة العصر، قاله أبو العالية، وقتادة.
والثاني: أنها الظهر والعصر والمغرب والعشاء. قاله ابن السائب.
والثالث: أنها الظهر والعصر، قاله مقاتل.
والقول الثاني: أنه التسبيح باللسان، وهو قول:«سبحان الله، والحمد لله، ولا إِله إِلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قُوَّة إِلاَّ بالله»، قاله مجاهد.
قوله تعالى: { هو الذي يصلِّي عليكم وملائكتُه } في صلاة الله علينا خمسة أقوال.
أحدها: أنها رحمته، قاله الحسن.
والثاني: مغفرته، قاله سعيد بن جبير.
والثالث: ثناؤه، قاله أبو العالية.
والرابع: كرامته، قاله سفيان.
والخامس: بَرَكَتُه، قاله أبو عبيدة.
وفي صلاة الملائكة قولان.
أحدهما: أنها دعاؤهم، قاله أبو العالية.
والثاني: استغفارهم، قاله مقاتل.
وفي الظُّلُمات والنُّور هاهنا ثلاثة أقوال.
أحدها: الضَّلالة والهدى، قاله ابن زيد.
والثاني: الإِيمان والكفر، قاله مقاتل.
والثالث: الجنة والنار، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: { تحيَّتُهم } الهاء والميم كناية عن المؤمنين.
فأما الهاء في قوله { يَلْقَونه } ففيها قولان.
أحدهما: أنها ترجع إِلى الله عز وجل. ثم فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أن معناه: تحيَّتُهم من الله يوم يَلْقَونه سلام. وروى صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يسلِّم على أهل الجنة. والثاني: تحيَّتُهم من الملائكة يوم يَلْقَون اللّهَ: سلامٌ، قاله مقاتل. وقال أبو حمزة الثُّمالي: تسلِّم عليهم الملائكة يوم القيامة، وتبشِّرهم حين يخرجون من قبورهم. والثالث: تحيَّتُهم بينهم يوم يلقون ربَّهم: سلام، وهو أن يُحيِّي بعضُهم بعضاً بالسلام، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
والقول الثاني: أن الهاء ترجع إِلى ملك الموت، وقد سبق ذِكْره في ذِكْر الملائكة. قال ابن مسعود: إِذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن قال له: ربُّك يقرئك السلام. وقال البراء بن عازب: في قوله: { تحيَّتُهم يوم يَلْقَونه } قال: ملَك الموت، ليس مؤمن يقبض روحه إِلا سلَّم عليه. فأما الأجر الكريم، فهو الحسن في الجنة.