التفاسير

< >
عرض

وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ
١٦٤
وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ
١٦٥
وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ
١٦٦
وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ
١٦٧
لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ
١٦٨
لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٦٩
فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
١٧٠
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ
١٧١
إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ
١٧٢
وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ
١٧٣
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ
١٧٤
وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ
١٧٥
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ
١٧٦
فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ
١٧٧
وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ
١٧٨
وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ
١٧٩
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ
١٨٠
وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٨١
وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٨٢
-الصافات

زاد المسير في علم التفسير

ثم أَخبر عن الملائكة بقوله: { وما مِنّا } والمعنى: ما مِنّا مَلَك { إلاّ له مَقامٌ مَعلومٌ } أي: مكان في السموات مخصوص يعبُد اللهَ فيه { وإِنّا لَنَحْنُ الصّافُّونَ } قال قتادة: صفوف في السماء. وقال السدي: هو الصلاة. وقال ابن السائب: صفوفهم في السماء كصفوف أهل الدنيا في الأرض.

قوله تعالى: { وإِنّا لَنَحْنُ المُسَبِّحونَ } فيه قولان:

أحدهما: المُصَلُّون.

والثاني: المنزِّهون لله عز وجل عن السُّوءِ. وكان عمر بن الخطاب إذا أُقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه وقال: يا أيها الناس استوُوا، فإنما يريد اللهُ بكم هَدْي الملائكة، { وإِنّا لَنَحْنُ الصّافُّون، وإِنّا لَنَحْنُ المُسَبِّحون }.

ثم عاد إلى الإِخبار عن المشركين، فقال: { وإِنْ كانوا لَيَقُولونَ } اللام في "لَيَقُولونَ" لام توكيد؛ والمعنى: وقد كان كفار قريش يقولون قبل بعثة النبيّ صلى الله عليه وسلم، { لو أنّ عندنا ذِكْراً } أي: كتاباً { من الأَوَّلِينَ } أي: مثل كتب الأولين، وهم اليهود والنصارى، { لَكُنّا عِبَادَ الله المُخْلَصِينَ } أي: لأَخلصْنا العبادة لله عز وجل.

{ فكَفَروا به } فيه اختصار، تقديره: فلمّا آتاهم ما طلبوا، كفروا به، { فسوف يَعْلَمونَ } عاقبة كفرهم، وهذا تهديد لهم.

{ ولقد سَبَقَتْ كَلِمَتُنا } أي: تقدَّم وَعْدُنا للمرسَلِين بنصرهم، والكلمة قوله { { كَتَب اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنا ورُسُلِي } [المجادلة: 21]، { إِنّهم لَهُمُ المصُورون } بالحُجَّة، { وإنَّ جُندنا } يعني حزبنا المؤمنين { لَهُمُ الغالِبونَ } بالحُجَّة أيضاً والظَّفَر. { فَتَوَلَّ عنهم } أي: أعرِض عن كفار مكة { حتى حينٍ } أي: حتى تنقضيَ مُدَّةُ إِمهالهم. وقال مجاهد: حتى نأمرَك بالقتال؛ فعلى هذا الآيةُ محْكَمة. وقال في رواية: حتى الموت؛ وكذلك قال قتادة. وقال ابن زيد: حتى القيامة؛ فعلى هذا، يتطرَّق نسخُها. وقال مقاتل بن حيّان: نسختها آيةُ القتال.

قوله تعالى: { وأَبْصَرهُمْ } أي: انظُر إِليهم إِذا نزل العذاب. قال مقاتل بن سليمان: هو العذاب ببدر؛ وقيل: أَبْصِر حالَهم بقلبك { فسوف يُبْصِرونَ } ما اْنكروا، وكانوا يستعجلون بالعذاب تكذيباً به، فقيل: { أَفَبِعذابنا يستعْجِلونَ }.

{ فإذا نَزَلَ } يعني العذاب. وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران، والجحدري، وابن يعمر: { فإذا نُزِّل } برفع النون وكسر الزاي وتشديدها { بِساحتهم } أي: بفِنائهم وناحيتهم، والساحة فِناء الدّار. قال الفراء: العرب تكتفي بالساحة والعَقْوة من القوم، فيقولون: نزل بك العذاب وبساحتك. قال الزجاج: فكان عذابُ هؤلاء القتل { فَساءَ صباحُ المُنْذَرِينَ } أي: بِئْسَ صباحُ الذين أًنذروا العذاب.

ثم كرَّر ما تقدم توكيداً لوعده بالعذاب، فقال: { وتَوَلَّ عنهم... } الآيتين.

ثم نزَّه نفسَهُ عن قولهم بقوله تعالى: { سُبْحانَ ربِّكَ ربِّ العِزَّةِ } قال مقاتل: يعني: عِزَّةَ مَنْ يتعزَّز من ملوك الدنيا.

قوله تعالى: { عَمَّا يَصِفُونَ } أي: من اتِّخاذ النساء والأولاد.

{ وسَلاَمٌ على المُرْسَلِينَ } فيه وجهان:

أحدهما: تسليمُه عليهم إكراماً لهم.

والثاني: إِخباره بسلامتهم.

{ والحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ } على هلاك المُشْرِكِينَ ونُصرة الأنبياء والمرسَلين.