قوله تعالى: { يجد في الأرض مُراغماً كثيراً وسعةً } قال سعيد بنُ جبير، ومجاهد: متزحزحاً عما يكره. وقال ابن قتيبة: المراغم والمهاجر: واحد، يقال: راغمت وهاجرت، وأصله: أن الرجل كان إِذا أسلم، خرج عن قومه مُراغِماً، أي: مغاضِباً لهم، ومهاجِراً، أي: مقاطِعاً من الهجران، فقيل للمذهب: مراغم، وللمصير إلى النبي عليه السلام هجرة، لأنها كانت بهجرة الرجل قومه. [قال الجعدي: عزيزُ المراغَم والمذهب].
وفي السّعة قولان أحدهما: أنها السّعة في الرّزق، قاله ابن عباس، والجمهور.
والثاني: التمكّن من إِظهار الدين، قاله قتادة.
قوله تعالى: { ومن يخرج من بيته مهاجراً إِلى الله ورسوله } اتفقوا على أنه نزل في رجل خرج مهاجراً، فمات في الطريق، واختلفوا فيه على ستة أقوال.
أحدها: أنه ضمرة بن العيص، وكان ضريراً موسِراً، فقال: احملوني فحمل، وهو مريض، فمات عند التنعيم، فنزل فيه هذا الكلام، رواه سعيد بن جبير.
والثاني: أنه العيص بن ضمرة بن زنباع الخزاعي أمر أهله أن يحملوه على سريره، فلما بلغ التنعيم، مات، فنزلت فيه هذه الآية، رواه أبو بشر عن سعيد ابن جبير.
والثالث: أنه ابن ضمرة الجندعي مرض، فقال لبنيه، أخرجوني من مكة، فقد قتلني غمّها، فقالوا: أين؟ فأومأ بيده نحو المدينة، يريد الهجرة، فخرجوا به، فمات في الطريق، فنزل فيه هذا، ذكره ابن إِسحاق. وقال مقاتل: هو جُندب بن ضمرة.
والرابع: أن اسمه سبرة، فلما نزل قوله: { إِن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } إِلى قوله { مراغماً كثيراً } قال لأهله وهو مريض: احملوني، فإني موسِر، ولي من المال ما يُبلغني إِلى المدينة، فلما جاوز الحرم، مات. فنزل فيه هذا، قاله قتادة.
والخامس: أنه رجل من بني كنانة هاجر، فمات في الطريق، فسخر منه قومُه، فقالوا: لا هو بلغ ما يريد، ولا أقام في أهله حتى يدفن، فنزل فيه هذا، قاله ابن زيد.
والسادس: أنه خالد بن حزام أخو حكيم بن حزام، خرج مهاجراً، فمات في الطريق، ذكره الزبير بن بكّار، وقوله: «وقع» معناه: وجب.