قوله تعالى: { ويقولون طاعة } نزلت في المنافقين، كانوا يؤمنون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمنوا، فاذا خرجوا، خالفوا، هذا قول ابن عباس. قال الفرّاء: والرّفع في «طاعة» على معنى: أمرُك طاعة.
قوله تعالى: { بيّت طائفة } قرأ أبو عمرو، وحمزة: بيت بسكون «التاء»، وإدغامها في «الطاء» ونصب الباقون «التاء» قال أبو علي: التاء والطاء والدال من حيز واحد، فحسن الإِدغام، ومَن بيّن، فلانفصال الحرفين، واختلاف المخرجين. قال ابن قتيبة: والمعنى [فاذا برزوا من عندك، أي: خرجوا، بيت طائفة منهم غير الذي تقول، أي] قالوا: وقدّروا ليلاً غير ما أعطوك نهاراً. قال الشاعر:
أتوني فلم أرض ما بيَّتوا وكانوا أتَوْني بشيء نُكُرْ
والعرب تقول: هذا أمر قد قُدِّر بليل [وفرغ منه بليل، ومنه قول الحارث بن حِلِّزة: أجمعوا أمرهم عشاءً فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء]
وقال بعضهم: بيّت، بمعنى: بدّل، وأنشد: وبيَّتَ قولِيَ عند المليك قاتلك الله عبداً كفوراً
وفي قوله: { غير الذي تقول } قولان. أحدهما: غير الذي تقول الطائفة عندك، وهو قول ابن عباس، وابن قتيبة.
والثاني: غير الذي تقول أنت يا محمد، وهو قول قتادة، والسدي.
قوله تعالى: { والله يكتب ما يبيّتون } فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: يكتبه في الأعمال التي تثبتها الملائكة، قاله مقاتل في آخرين.
والثاني: ينزله إِليك في كتابه.
والثالث: يحفظه عليهم ليجازوا به، ذكر القولين الزجاج، قال ابن عباس: فأعرض عنهم: فلا تعاقبهم، وثق بالله عز وجل، وكفى بالله ثقة لك. قال: ثم نسخ هذا الإِعراض، وأُمِر بقتالهم.
فإن قيل: ما الحكمة في أنه ابتدأ بذكرهم جملة، ثم قال: { بيت طائفة } والكل منافقون؟ فالجواب من وجهين، ذكرهما أهل التفسير.
أحدهما: أنه أخبر عمن سهر ليله، ودبَّر أمرهُ منهم دون غيره منهم.
والثاني: أنه ذكر من علم أنه يبقى على نفاقه دون من علم أنه يرجع.