التفاسير

< >
عرض

فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ
١٣
إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
١٤
فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
١٥
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ
١٦
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٧
وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ
١٨
-فصلت

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { فإن أعرضوا } عن الإيمان بعد هذا البيان { فقُل أنذرتُكم صاعقةً } الصاعقة: المُهلِكُ من كل شيء؛ والمعنى: أنذرتُكم عذاباً مثلَ عذابهم. وإنما خَصَّ القبيلتين، لأن قريشاً يمُرُّون على قرى القوم في أسفارهم.

{ إذ جاءتهم الرُّسُل من بين أيديهم } أي: أتت آباءهم ومَنْ كان قبلهم { ومِنْ خَلْفهم } أي: من خلف الآباء، وهم الذين أُرسلوا إلى هؤلاء الُمهلَكين { ألاّ تعبُدوا } أي: بأن لا تعبُدوا { إلا اللهَ قالوا لو شاءَ ربُّنا } أي: لو أراد دعوة الخلْق { لأنزل ملائكةً }.

قوله تعالى: { فاستكبَروا } أي: تكبَّروا عن الإِيمان وعَمِلوا بغير الحقِّ. وكان هود قد تهدَّدهم بالعذاب فقالوا: نحن نقدر على دفعه بفضل قوَّتنا. والآيات هاهنا: الحُجج.

وفي الرِّيح الصَّرصر أربعة أقوال:

أحدها: أنها الباردة، قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك. وقال الفراء: هي الرِّيح الباردة تحرق كالنار، وكذلك قال الزجاج: هي الشديدة البرد جداً؛ فالصَّرصر متكرِّر فيها البرد، كما تقول: أقللتُ الشيء وقلقلتُه، فأقللتُه بمعنى رفعتُه، وقلقلتُه: كرَّرتُ رفعه.

والثاني: أنها الشديدةُ السَّموم، قاله مجاهد.

والثالث: الشديدة الصَّوت، قاله السدي، وأبو عبيدة، وابن قتيبة.

والرابع: الباردة الشديدة، قاله مقاتل.

قوله تعالى: { في أيّامٍ نَحِساتٍ } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: { نَحْساتٍ } بإسكان الحاء؛ وقرأ الباقون: بكسرها. قال الزجاج: من كسر الحاء، فواحدُهن "نَحِس". ومن أسكنها فواحدُهن "نَحْس"؛ والمعنى: مشؤومات.

وفي أوَّل هذه الأيّام ثلاثة أقوال:

أحدها: غداة يوم الأحد، قاله السدي.

والثاني: يوم الجمعة، قاله الربيع بن أنس.

والثالث: يوم الأربعاء، قاله يحيى بن سلام. والخِزْي: الهوان.

قوله تعالى: { وأمّا ثمودُ فهدَيناهم } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: بيَّنَّا لهم، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير. وقال قتادة: بَيَّنَّا لهم سبيل الخير والشر.

والثاني: دَعَوْناهم، قاله مجاهد.

والثالث: دَللْناهم على مذهب الخير، قاله الفراء.

قوله تعالى: { فاستَحبُّوا العمى } أي: اختاروا الكفر على الإِيمان، { فأخذتهم صاعقةُ العذاب الهُون } أي: ذي الهوان، وهو الذي يُهينهم.