قوله تعالى: { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا } سبب نزولها: أن معاذ بن جبل، وسعد بن عبادة، وعقبة بن وهب، قالوا: يا معشر اليهود اتقوا الله، والله إِنكم لتعلمون أنه رسول الله، كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه، وتصفونه بصفته.
فقال وهب بن يهوذا، ورافع: ما قلنا هذا لكم، وما أنزل الله بعد موسى من كتاب، ولا أرسل رسولاً بشيراً ولا نذيراً [بعده]، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
فأما «الفترة» فأصلها السكون، يقال: فتر الشيء يَفتر فتوراً: إِذا سكنت حدّته، وانقطع عما كان عليه، والطرف الفاتر: الذي ليس بحديد. والفتور: الضعف. وفي مدّة الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام أربعة أقوال.
أحدها: أنه كان بين عيسى ومحمد عليهم السلام ستمائة سنة، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال سلمان الفارسي، ومقاتل.
والثاني: خمسمائة سنة وستون سنة، قاله قتادة.
والثالث: أربع مائة وبضع وثلاثون سنة، قاله الضحاك.
والرابع: خمسمائة سنة وأربعون سنة، قاله ابن السائب. وقال أبو صالح عن ابن عباس { على فترة من الرُسل } أي: انقطاع منهم، قال: وكان بين ميلاد عيسى، وميلاد محمد صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسعة وتسعون سنة، وهي فترة. وكان بعد عيسى أربعة من الرسل، فذلك قوله
{ { إِذا أرسلنا إِليهم اثنين فكذبوهما فعزَّزنا بثالث } [يس: 14]. قال: والرابع لا أدري من هو. وكان بين تلك السنين مائة سنة، وأربع وثلاثون نبوّة وسائِرها فترة. قال أبو سليمان الدمشقي: والرابع ـ والله أعلم ـ خالد بن سنان الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "نبيٌ ضيَّعه قومُه" . قوله تعالى: { أن تقولوا } قال الفراء: كي لا تقولوا: [ما جاءنا من بشير]، مثل قوله:
{ { يُبين الله لكم أن تضلوا } [النساء: 176]. وقال غيره: لئلا تقولوا، وقيل: كراهة أن تقولوا.