التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٦٣
قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ
٦٤
-الأنعام

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { قل من ينجِّيكم } قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر: { قل من ينجِّيكم }، { قل الله ينجِّيكم } مشدَّدَين. وقرأ يعقوب، والقزاز، عن عبد الوارث: بسكون النون وتخفيف الجيم. قال الزجاج: والمشدَّدة أجود للكثرة. وظلمات البر والبحر: شدائدها؛ والعرب تقول لليوم الذي تلقى فيه شدة: يوم مظلم، حتى إنهم يقولون: يوم ذو كواكب، أي: قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل. قال الشاعر:

فِدَىً لِبَنِي ذُهْلِ بنِ شَيْبَانَ نَاقَتِي إذا كَانَ يَوْماً ذا كَواكَب أشْنَعَا

قوله تعالى: { تدعونه تضرعاً } أي: مظهرين الضراعة، وهي شدة الفقر إلى الشيء، والحاجة.

قوله تعالى: { وخُفية } قرأ عاصم إلا حفصا: «وخِفية» بكسر الخاء؛ وكذلك في (الأعراف). وقرأ الباقون بضم الخاء، وهما لغتان. قال الفراء: وفيها لغة أخرى بالواو، ولا تصلح في القراءة، خِفْوة، وخَفْوة. ومعنى الكلام: أنكم تدعونه في أنفسكم كما تدعونه ظاهراً: «لئن أنجيتنا»، كذلك قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وأبو عمرو: «لئن أنجيتنا»، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: «لئن أنجانا» بألف، لمكان الغيبة في قوله: «تدعونه». وكان حمزة، والكسائي، وخلف، يميلون الجيم.

قوله تعالى: { من هذه } يعني: في أي شدة وقعتم، قلتم: «لئن أنجيتنا من هذه» قال ابن عباس: و«الشاكرون» هاهنا: المؤمنون. وكانت قريش تسافر في البر والبحر، فاذا ضلوا الطريق، وخافوا الهلاك، دعَوُا الله مخلصين، فأنجاهم. فأما «الكرب» فهو الغم الذي يأخذ بالنفس، ومنه اشتقت الكربة.