التفاسير

< >
عرض

وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
٦٩
-الأنعام

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء } في سبب نزولها ثلاثة أقوال.

أحدها: أن المسلمين قالوا: لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن، وخاضوا فيه، فمنعناهم، لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام، ولا أن نطوف بالبيت، فنزلت هذه الآية.

والثاني: أن المسلمين قالوا: إنا نخاف الإثم إن لم ننههم عن الخوض، فنزلت هذه الآية.

والثالث: أن المسلمين قالوا: لو قمنا عنهم إذا خاضوا فانا نخشى الإثم في مجالستهم، فنزلت هذه الآية. هذا عن مقاتل، والأولان عن ابن عباس.

قوله تعالى: { وما على الذين يتقون } فيه قولان.

أحدهما: يتقون الشرك. والثاني: يتقون الخوض.

قوله تعالى: { من حسابهم } يعني: حساب الخائضين. وفي { حسابهم } قولان.

أحدهما: أنه كفرهم وآثامهم. والثاني: عقوبة خوضهم.

قوله تعالى: { ولكن ذكرى } أي: ولكن عليكم أن تذكروهم. وفيما تذكرونهم به قولان.

أحدهما: المواعظ. والثاني: قيامكم عنهم. قال مقاتل: إذا قمتم عنهم، منعهم من الخوض الحياء منكم، والرغبة في مجالستكم.

قوله تعالى: { لعلهم يتقون } فيه قولان.

أحدهما: يتقون الاستهزاء. والثاني: يتقون الوعيد.

فصل

وقد ذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة، لأنها اقتضت جواز مجالسة الخائضين والاقتصار على تذكيرهم، ثم نسخت بقوله: { { وقد نَزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفَر بها ويُستهزَأ بها فلا تقعدوا معهم } [النساء: 140] والصحيح أنها محكمة، لأنها خبر، وإنما دلت على أن كل عبد يختص بحساب نفسه، ولا يلزمه حساب غيره.