التفاسير

< >
عرض

فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٩٦
-الأنعام

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { فالق الإصباح } في معنى الفلق قولان قد سبقا. فأما الإصباح، فقال الأخفش: هو مصدر من أصبح. وقال الزجاج: الإصباح والصبح واحد.

وللمفسرين في الإصباح، ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه ضوء الشمس بالنهار، وضوء القمر بالليل، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثاني: أنه إضاءة الفجر، قاله مجاهد. وقال ابن زيد: فلق الإصباح من الليل.

والثالث: أنه نوَّر النهار، قاله الضحاك. وقرأ أنس بن مالك، والحسن، وأبو مجلز، وأيوب، والجحدري: «فالق الأَصباح» بفتح الهمزة. قال أبو عبيد: ومعناه: جمع صبح.

قوله تعالى: { وجاعل الليل سكناً } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: «جاعل» بألف. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: «وجعل» بغير ألف. «الليلَ» نصباً. قال أبو علي: من قرأ: «جاعل» فلأجل «فالق» وهم يراعون المشاكلة. ومن قرأ: «جعل» فلأن «فاعلاً» هاهنا بمعنى: «فعل» بدليل قوله: { والشمس والقمر حسباناً } فأما السكن: فهو ما سكنْتَ إليه. والمعنى: أن الناس يسكنون فيه سكون راحة. وفي الحسبان قولان.

أحدهما: أنه الحساب، قاله الجمهور. قال ابن قتيبة: يقال: خذ من كل شيء بحسبانه، أي: بحسابه. وفي المراد بهذا الحساب، ثلاثة أقوال. أحدها: أنهما يجريان إلى أجل جُعل لهما، رواه العوفي عن ابن عباس. والثاني: يجريان في منازلهما بحساب، ويرجعان إلى زيادة ونقصان، قاله السدي. والثالث: أن جريانهما سبب لمعرفة حساب الشهور والأعوام، قاله مقاتل.

والقول الثاني: أن معنى الحسبان: الضياء، قاله قتادة. قال الماوردي، كأنه أخذه من قوله تعالى: { ويرسل عليها حسباناً من السماء } [الكهف: 40] أي: ناراً. قال ابن جرير: وليس هذا من ذاك في شيء.