التفاسير

< >
عرض

وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ
١٤٥
-الأعراف

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وكتبنا له في الألواح من كل شيء } في ماهية الألواح سبعة أقوال.

أحدها: أنها زبرجد، قاله ابن عباس.

والثاني: ياقوت، قاله سعيد بن جبير.

والثالث: زمرُّد أخضر، قاله مجاهد.

والرابع: بَرَد، قاله أبو العالية.

والخامس: خشب، قاله الحسن.

والسادس: صخر، قاله وهب بن منبه.

والسابع: زمرد وياقوت، قاله مقاتل.

وفي عددها أربعة أقوال.

أحدها: سبعة، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.

والثاني: لوحان، قاله أبو صالح عن ابن عباس، واختاره الفراء. قال: وإنما سماها الله تعالى ألواحاً، على مذهب العرب في إيقاع الجمع على التثنية، كقوله: { { وكنا لحكمهم شاهدين } [الأنبياء: 78] يريد: داود وسليمان، وقوله: { { فقد صغت قلوبُكما } [التحريم: 4].

والثالث: عشرة، قاله وهب.

والرابع: تسعة، قاله مقاتل.

وفي قوله: { من كل شيء } قولان. أحدهما: من كل شيء يحتاج إليه في دينه من الحلال والحرام والواجب وغيره. والثاني: من الحِكَم والعِبَر.

قوله تعالى: { موعظة } أي: نهياً عن الجهل. { وتفصيلاً } أي: تبييناً لكل شيء من الأمر والنهي والحدود والأحكام.

قوله تعالى: { فخذها بقوة } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: بجدٍّ وحزم، قاله ابن عباس.

والثاني: بطاعة، قاله أبو العالية.

والثالث: بشكر، قاله جويبر.

قوله تعالى: { وأمْر قومك يأخذوا بأحسنها } إن قيل: كأن فيها ما ليس بحسن؟ فعنه جوابان.

أحدهما: أن المعنى: يأخذوا بحسنها، وكلها حَسَن، قاله قطرب. وقال ابن الأنباري: ناب «أحسن» عن «حسن» كما قال الفرزدق:

إِنَّ الذي سَمَكَ السَّمَاءَ بنى لَنَا بَيْتاً دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ

أي: عزيزة طويلة. وقال غيره: «الأحسن» هاهنا صلة، والمعنى: يأخذوا بها.

والثاني: أن بعض ما فيها أحسن من بعض. ثم في ذلك خمسة أقوال.

أحدها: أنهم أُمروا فيها بالخير ونُهوا عن الشر، فَفِعْلُ الخير هو الأحسن.

والثاني: أنها اشتملت على أشياء حسنة بعضها أحسن من بعض، كالقصاص والعفو والانتصار والصبر، فأُمِروا أن يأخذوا بالأحسن، ذكر القولين الزجاج. فعلى هذا القول، يكون المعنى: انهم يتبعون العزائم والفضائل، وعلى الذي قبله، يكون المعنى: أنهم يتبعون الموصوف بالحسن وهو الطاعة، ويجتنبون الموصوف بالقبح وهو المعصية.

والثالث: أحسنها: الفرائض والنوافل، وأدونها في الحسن: المباح.

والرابع: أن يكون للكلمة معنيان أو ثلاثة، فتصرف إلى الاشبه بالحق.

والخامس: أن أحسنها: الجمع بين الفرائض والنوافل.

قوله تعالى: { سأُرِيكم دار الفاسقين } فيها أربعة أقوال.

أحدها: أنها جهنم، قاله الحسن، ومجاهد. والثاني: انها دار فرعون وقومه، وهي مصر، قاله عطية العوفي. والثالث: أنها منازل من هلك من الجبابرة والعمالقة، يريهم إياها عند دخولهم الشام، قاله قتادة. والرابع: أنها مصارع الفاسقين، قاله السدي. ومعنى الكلام: سأُرِيكم عاقبة من خالف أمري، وهذا تهديد للمخالف، وتحذير للموافق.