التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ
١٨
ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٩
-الأعراف

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { قال اخرج منها مذؤوماً } قرأ الأعمش: «مذوماً» بضم الذال من غير همز. قال الفراء: الذَّأْمُ: الذَّمُّ، يقال: ذأمْتُ الرجلَ، أذأَمُه ذأمْاً؛ وذممتُه، أذُمُّه ذمّاً، وذِمْتُه، أذيمُه ذَيْماً، ويقال: رجل مذؤوم، ومذموم، ومَذيم، بمعنى: قال حسان بن ثابت:

وأقاموا حتى أبيروا جميعاً في مَقامٍ وكُلُّهم مَذؤوم

قال ابن قتيبة: المذؤوم: المذموم بأبلغ الذم. والمدحور: المقصى المبعَد. وقال الزجاج: معنى المذؤوم: كمعنى المذموم، والمدحور: المبعد من رحمة الله. واللام من «لأملأن» لام القسم؛ والكلام بمعنى الشرط والجزاء، كأنه قيل له: من تبعك، أُعذبْه، فدخلت اللام للمبالغة والتوكيد. فلام «لأملأن» هي لام القسم، ولام { لَمن تبعك } توطئة لها. فأما قوله: «منهم» فقال ابن الانباري: الهاء والميم عائدتان على ولد آدم، لانه حين قال: { ولقد خلقناكم ثم صوَّرناكم } [الأعراف: 11] كان مخاطباً لولد آدم، فرجع إليهم، فقال: { لَمن تبعك منهم } فجعلهم غائبين، لأن مخاطبتهم في ذا الموضع توقع لَبْساً، والعرب ترجع من الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى الخطاب. ومن قال: { ولقد خلقناكم ثم صورناكم } خطاب لآدم، قال أعاد الهاء والميم على ولده، لأن ذكره يكفي من ذكرهم؛ والعرب تكتفي بذكر الوالد من ذكر الأولاد إذا انكشف المعنى وزال اللبس. قال الشاعر:

أرى الخَطَفى بَذَّ الفرزدقُ شِعْرَهُ ولكنَّ خيراً من كُلَيبٍ مُجاشِعُ

أراد: أرى ابن الخطفى، فاكتفى بالخطفى من ابنه.

قوله تعالى: { لأملأن جهنم منكم } يعني: أولاد آدم المخالفين وقرناءهم من الشياطين.