قوله تعالى: { قال ادخلوا } إن الله تعالى يقول لهم ذلك بواسطة الملائكة، لأن الله تعالى لا يكلِّم الكفار يوم القيامة. قال ابن قتيبة: و«في» بمعنى «مع».
وفي قوله: { قد خلت من قبلكم } قولان.
أحدهما: مضت إلى العذاب.
والثاني: مضت في الزمان، يعني: كفار الأمم الماضية.
قوله تعالى: { كلما دخلت أُمة لعنت أُختها } وهذه أُخُوَّةُ الدِّين والملَّة، لا أُخُوَّةُ النسب. قال ابن عباس: يلعنون من كان قبلهم. قال مقاتل: كلما دخل أهل ملّة، لعنوا أهل ملَّتهم، فيلعن اليهودُ اليهودَ، والنصارى النصارى، والمشركون المشركين، والأتباع القادة، ويقولون: أنتم ألقيتمونا هذا الملقى حين أطعناكم. وقال الزجاج: إنما تلاعنوا، لأن بعضهم ضل باتباع بعض.
قوله تعالى: { حتى إذا ادَّاركوا } قال ابن قتيبة: أي: تداركوا، فأدغمت التاء في الدال، وأُدخلت الألف ليَسْلَم السكون لِما بعدها، يريد: تتابعوا فيها واجتمعوا.
قوله تعالى: { قالت أُخراهم لأولاهم } فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: آخر أُمِّة لأول أُمِّة، قاله ابن عباس.
والثاني: آخر أهل الزمان لأوّلِّيهم الذين شرعوا له ذلك الدِّين، قاله السدي.
والثالث: آخرهم دخولاً إلى النار، وهم الأتباع، لأوِّلهم دخولاً، وهم القادة، قاله مقاتل.
قوله تعالى: { هؤلاء أضلونا } قال ابن عباس: شرعوا لنا أن نتخذ من دونك إلها.
قوله تعالى: { فآتهم عذاباً ضعفاً } قال الزجاج: أي: عذاباً مضاعفاً.
قوله تعالى: { قال لكلٍّ ضعف } أي عذاب مضاعف ولكن لا تعلمون.
قرأ أبو بكر، والمفضل عن عاصم: «يعلمون» بالياء. قال الزجاج: والمعنى: لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر. وقرأ الباقون: «تعلمون» بالتاء، وفيها وجهان ذكرهما الزجاج.
أحدهما: لا تعلمون أيها المخاطبون ما لكل فريق من العذاب.
والثاني: لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ذلك، وقيل: إنما طلب الأتباع مضاعفة عذاب القادة، ليكون أحد العذابين على الكفر، والثاني على إغرائهم به، فأجيبوا: { لكلٍّ ضعف } أي: كما كان للقادة ذلك، فلكم عذاب بالكفر، وعذاب بالاتِّباع. قوله: { فما كان لكم علينا من فضل } فيه قولان.
أحدهما: في الكفر، نحن وأنتم فيه سواء، قاله ابن عباس.
والثاني: في تخفيف العذاب، قاله مجاهد.