قوله تعالى: { إذ أنتم بالعِدوة الدنيا } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «بالعِدوة» و«العِدوة» العين فيهما مكسورة. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: بضم العين فيهما. قال الأخفش: لم يُسمع من العرب إلا الكسر. وقال ثعلب: بل الضم أكثر اللغتين. قال ابن السِّكّيت: عُدوة الوادي وعِدوته: جانبه؛ والجمع: عُدىً وعِدىً. والدنيا: تأنيث الأدنى؛ وضدها: القصوى، وهي تأنيث الأقصى؛ وما كان من النعوت على «فُعلى» من ذوات الواو، فان العرب تحوِّلُه إلى الياء، نحو الدنيا، من: دنوت؛ والعليا، من علوت؛ لأنهم يستثقلون الواو مع ضم الأول، وليس في هذا اختلاف، إلا أن أهل الحجاز قالوا: القُصوى، فأظهروا الواو، وهو نادر؛ وغيرهم يقول: القصيا. قال المفسرون: إذ أنتم بشفير الوادي الأدنى من المدينة، وعدوُّكم بشفيره الأقصى من مكة، وكان الجمعان قد نزلا وادي بدر على هذه الصفة، والركب: أبو سفيان وأصحابه. قال الزجاج: من نصب «أسفلَ» اراد: والركب مكاناً أسفلَ منكم، ويجوز الرفع على المعنى: والركب أشدُ تسفُّلاً منكم. قال قتادة: وكان المسلمون أعلى الوادي، والمشركون أسفله.
وفي قوله: { ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد } قولان.
أحدهما: لو تواعدتم، ثم بلغكم كثرتهم، لتأخَّرتم عن الميعاد، قاله ابن اسحاق.
والثاني: لو تواعدتم على الاجتماع في المكان الذي اجتمعتم فيه من عِدوتي وادي بدر لاختلفتم في الميعاد، قاله أبو سليمان. وقال الماوردي: كانت تقع الزيادة والنقصان، أو التقدم والتأخر من غير قصد لذلك.
قوله تعالى: { ولكنْ ليقضيَ الله أَمراً كان مفعولاً } وهو إعزاز الإسلام، وإذلال الشرك.
قوله تعالى: { ليَهلِكَ من هلك عن بينة } وروى خلف عن يحيى: { ليُهلَك } بضم الياء وفتح اللام.
قوله تعالى: { ويحيى من حيَّ عن بينة } قرأ أبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «من حيَّ» بياء واحدة مشددة، وهذه رواية حفص عن عاصم، وقنبل عن ابن كثير. وروى شِبْلٌ عن ابن كثير، وابو بكر عن عاصم: «حيِي» بياءين الأولى مكسورة، والثانية مفتوحة، وهي قراءة نافع. فمن قرأ بياءين، بيَّن ولم يُدغم، ومن أدغم ياء «حيي» فلاجتماع حرفين من جنس واحد. وفي معنى الكلام قولان.
أحدهما: ليُقتَل من قُتل من المشركين عن حُجة، ويبقى من بقي منهم عن حُجة.
والثاني: ليكفر من كفر بعد حُجة، ويؤمن من آمن عن حُجة.