التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنْكُمْ إِنَّيۤ أَرَىٰ مَا لاَ تَرَوْنَ إِنَّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٤٨
-الأنفال

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وَإذْ زَيَّنَ لهم الشيطانُ أعمالَهم } قال عروة بن الزبير: لما أجمعت قريش المسير إلى بدر، ذكروا ما بينهم وبين كنانة من الحرب، فتبدَّى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك المدلجيّ، وكان من اشراف بني كنانة، فقال لهم: { لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جارٌ لكم } من أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه، فخرجوا سراعاً. وفي المراد بأعمالهم هاهنا ثلاثة أقوال.

أحدها: شركهم. والثاني: مسيرهم إلى بدر. والثالث: قتالهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: { فلما تراءت الفئتان } أي: صارتا بحيث رأت إحداهما الأخرى.

وفي المراد بالفئتين قولان.

أحدهما: فئة المسلمين، وفئة المشركين، وهو قول الجمهور.

والثاني: فئة المسلمين، وفئة الملائكة، ذكره الماوردي.

قوله تعالى: { نكص على عقبيه } قال أبو عبيدة: رجع من حيث جاء. وقال ابن قتيبة: رجع القهقري. قال ابن السائب: كان إبليس في صف المشركين على صورة سراقة، آخذاً بيد الحارث بن هشام، فرأى الملائكة فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: أفراراً من غير قتال؟ فقال: { إني أرى مالا ترون }؛ فلما هُزم المشركون، قالوا: هَزَمَ الناسَ سراقةُ، فبلغه ذلك، فقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم. قال قتادة: صدق عدو الله في قوله: { إني أرى مالا ترون }، ذُكر لنا أنه رأى جبريل ومعه الملائكة، فعلم أنه لا يد له بالملائكة، وكذب عدو الله في قوله: { إني أخاف الله }، والله ما به مخافة الله، ولكن علم أنه لا قوَّة له بهم. وقال عطاء: معناه: إني أخاف الله أن يهلكني. وقال ابن الانباري: لما رأى نزول الملائكة، خاف أن تكون القيامة، فيكون انتهاء إنظاره، فيقع به العذاب. ومعنى { نكص }: رجع هارباً بخزي وذلّ. واختلفوا في قوله: { والله شديد العقاب } هل هو ابتداء كلام، أو تمام الحكاية عن إبليس، على قولين.