التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ
٩٩
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ
١٠٠
قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ
١٠١
-يونس

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ } على وجه الإحاطة والشمول { جَمِيعاً } مجتمعين على الإيمان مطبقين عليه لا يختلفون فيه، أخبر عن كمال قدرته ونفوذ مشيئته أنه لو شاء لآمن من في الأرض كلهم ولكنه شاء أن يؤمن به من علم منه اختيار الإيمان به، وشاء الكفر ممن علم أنه يحتار الكفر ولا يؤمن به. وقول المعتزلة: المراد بالمشيئة مشيئة القسر والإلجاء أي لو خلق فيهم الإيمان جبراً لآمنوا لكن قد شاء أن يؤمنوا اختياراً فلم يؤمنوا دليله { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } - أي ليس إليك مشيئة الإكراه والجبر في الإيمان إنما ذلك إليّ - فاسد لأن الإيمان فعل العبد وفعله ما يحصل بقدرته ولا يتحقق ذلك بدون الاختيار. وتأويله عندنا أن الله تعالى لطفاً لو أعطاهم لآمنوا كلهم عن اختيار ولكن علم منهم أنهم لا يؤمنون فلم يعطهم ذلك وهو التوفيق. والاستفهام في { أفأنت } بمعنى النفي أي لا تملك أنت يا محمد أن تكرههم على الإيمان لأنه يكون بالتصديق والإقرار ولا يمكن الإكراه على التصديق.

{ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } بمشيئته أو بقضائه أو بتوفيقه وتسهيله أو بعلمه { وَيَجْعَلُ ٱلرّجْسَ } أي العذاب أو السخط أو الشيطان أي ويسلط الشيطان { عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } لا ينتفعون بعقولهم، { ونجعل } حماد ويحيى { قُلِ ٱنظُرُواْ } نظر استدلال واعتبار { مَاذَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ }من الآيات والعبر باختلاف الليل والنهار وخروج الزروع والثمار{ وَمَا تُغْنِى ٱلآيَـٰتُ } «ما» نافيه { وَٱلنُّذُرُ } والرسل المنذورون أو الانذارات { عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } لا يتوقع إيمانهم وهم الذين لا يعقلون.