التفاسير

< >
عرض

وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ
١٦
قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ
١٧
وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ
١٨
-يوسف

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاء } للاستتار والتجسر على الاعتذار { يَبْكُونَ } حال عن الأعمش لا تصدق باكية بعد إخوة يوسف، فلما سمع صوتهم فزع وقال ما لكم يا بني هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا. قال: فما بالكم وأين يوسف؟ { قَالُواْ يا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ } أي نتسابق في العدو أو في الرمي. والافتعال والتفاعل يشتركان كالإرتماء والترامي وغير ذلك { وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا } بمصدق لنا { وَلَوْ كُنَّا صَـٰدِقِينَ } ولو كنا عندك من أهل الصدق والثقة لشدة محبتك ليوسف فكيف وأنت سيء الظن بنا غير واثق بقولنا؟! { وَجَاءوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } ذي كذب أو وصف بالمصدر مبالغة كأنه نفس الكذب وعينه كما يقال للكذاب هو الكذب بعينه والزور بذاته. رُوي أنهم ذبحوا سخلة ولطخوا القميص بدمها وزل عنهم أن يمزقوه، ورُوي أن يعقوب عليه السلام لما سمع بخبر يوسف صاح بأعلى صوته وقال: أين القيمص، فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال: تالله ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم، من هذا أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه. وقيل: كان في قميص يوسف ثلاث آيات كان دليلاً ليعقوب على كذبهم { وألقاه على وجهه فارتد بصيراً } ودليلاً على براءة يوسف حين قد من دبره. ومحل { على قميصه } النصب على الظرف كأنه قيل: وجاؤا فوق قميصه بدم { قَالَ } يعقوب عليه السلام { بَلْ سَوَّلَتْ } زينت أو سهلت { لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا } عظيماً ارتكبتموه { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } خبر أو مبتدأ لكونه موصوفاً أي فأمري صبر جميل، أو فصبر جميل أجمل وهو ما لا شكوى فيه إلى الخلق { وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ } أي استعينه { عَلَىٰ } احتمال { مَا تَصِفُونَ } من هلاك يوسف والصبر على الرزء فيه

.