التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
٤٩
وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ
٥٠
-يوسف

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ } أي من بعد أربع عشرة سنة عام { فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ } من الغوث أي يجاب مستغيثهم، أو من الغيث أي يمطرون يقال: غيثت البلاد إذا مطرت { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } العنب والزيتون والسمسم فيتخذون الأشربة والأدهان. { تعصرون } حمزة فأول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخاصيب. والعجاف واليابسات بسنين مجدبة. ثم بشرهم بعد الفراغ من تأويل الرؤيا بأن العام الثامن يجيء مباركاً كثير الخير غزير النعم، وذلك من جهة الوحي.

{ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِى بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ ٱلرَّسُولُ } ليخرجه من السجن { قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبّكَ } أي الملك { فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنّسْوَةِ } أي حال النسوة { ٱلَّتِٰى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } إنما تثبت يوسف وتأنى في إجابة الملك وقدم سؤال النسوة ليظهر براءة ساحته عما رمي به وسجن فيه لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده ويجعلوه سلماً إلى حط منزلته لديه ولئلا يقولوا ما خلد في السجن سبع سنين إلا لأمر عظيم وجرم كبير وفيه دليل على أن الاجتهاد في نفي التهم واجب وجوب اتقاء الوقوف في مواقفها، وقال عليه السلام "لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجوني، ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال ارجع إلى ربك ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث لأسرعت الإجابة وبادرت الباب ولما ابتغيت العذر إن كان لحليماً ذا أناة" ومن كرمه وحسن أدبه أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب واقتصر على ذكر المقطعات أيديهن { إِنَّ رَبّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } أي إن كيدهن عظيم لا يعلمه إلا الله وهو مجازيهن عليه. فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته فدعا الملك النسوة المقطعات أيديهن ودعا امرأة العزيز ثم.