التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ
٩٥
فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٩٦
قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ
٩٧
قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٩٨
فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ
٩٩
-يوسف

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ قَالُواْ } أي أسباطه { تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَـٰلِكَ ٱلْقَدِيمِ } لفي ذهابك عن الصواب قديماً في إفراط محبتك ليوسف أو في خطئك القديم من حب يوسف وكان عندهم أنه قد مات { فَلَمَّا أَن جَاء ٱلْبَشِيرُ } أي يهوذا { أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ } طرح البشير القميص على وجه يعقوب أو ألقاه يعقوب { فَٱرْتَدَّ } فرجع { بَصِيراً } يقال: رده فارتد وارتده إذا ارتجعه { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ } يعني قوله { إني لأجد ريح يوسف } أو قوله { ولا تيأسوا من روح الله } وقوله { إِنّى أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } كلام مبتدأ لم يقع عليه القول أو وقع عليه والمراد قوله { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون } ورُوي أنه سأل البشير كيف يوسف؟ قال: هو ملك مصر. فقال: ما أصنع بالملك، على أي دين تركته؟ قال: على دين الإسلام. قال: الآن تمت النعمة { قَالُواْ يأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَـٰطِئِينَ } أي سل الله مغفرة ما ارتكبنا في حقك وحق ابنك إنا تبنا واعترفنا بخطايانا { قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّى إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } أخر الاستغفار إلى وقت السحر، أو إلى ليلة الجمعة، أو ليتعرف حالهم في صدق التوبة، أو إلى أن يسأل يوسف هل عفا عنهم. ثم إن يوسف وجه إلى أبيه جهازاً ومائتي راحلة ليتجهز إليه بمن معه، فلما بلغ قريباً من مصر خرج يوسف والملك في أربعة آلاف من الجند والعظماء وأهل مصر بأجمعهم فتلقوا يعقوب وهو يمشي يتوكأ على يهوذا.

{ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ءاوَىٰ إِلَيْهِ } ضم إليه { أَبَوَيْهِ } واعتنقهما. قيل: كانت أمه باقية. وقيل: ماتت وتزوج أبوه خالته ــ والخالة أم كما أن العم أب ــ ومنه قوله { وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرٰهِيمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَـٰقَ } [البقرة: 133] ومعنى دخولهم عليه قبل دخولهم مصر أنه حين استقبلهم أنزلهم في مضرب خيمة أو قصر كان له ثمة فدخلوا عليه وضم إليه أبويه { وَقَالَ } لهم بعد ذلك { ادخُلُوا مِصرَ إن شآء الله ءامنين } من ملوكها وكانوا لا يدخلونها إلا بجواز أو من القحط. ورُوي أنه لما لقيه قال يعقوب عليه السلام: السلام عليك يا مذهب الأحزان، وقال له يوسف: يا أبت بكيت علي حتى ذهب بصرك ألم تعلم أن القيامة تجمعنا؟ فقال: بلى ولكن خشيت أن يسلب دينك فيحال بيني وبينك. وقيل: إن يعقوب وولده دخلوا مصر وهم اثنان وسبعون ما بين رجال ونساء، وخرجوا منها مع موسى ومقاتلتهم ستمائة ألف وخمسمائة وبضعة وسبعون رجلاً سوى الذرية والهرمى، وكانت الذرية ألف ألف ومائتي ألف