التفاسير

< >
عرض

قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ
١٠٢
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ
١٠٣
-النحل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ } أي جبريل عليه السلام أضيف إلى القدس وهو الطهر كما يقال «حاتم الجود»؛ والمراد الروح المقدس وحاتم الجواد والمقدس المطهر من المآثم { مِن رَبِّكَ } من عنده وأمره { بِٱلْحَقِّ } حال أي نزله ملتبساً بالحكمة { لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } ليبلوهم بالنسخ حتى إذا قالوا فيه هو الحق من ربنا، والحكمة لأنه حكيم لا يفعل إلا ما هو حكمة وصواب، حكم لهم بثبات القدم وصحة اليقين وطمأنينة القلوب { وَهُدًى وَبُشْرَىٰ } مفعول لهما معطوفان على محل { ليثبت } والتقدير تثبيتاً لهم وإرشاداً وبشارة { لِلْمُسْلِمِينَ } وفيه تعريض بحصول أضداد هذه الخصال لغيرهم. { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلّمُهُ بَشَرٌ } أرادوا به غلاماً كان لحويطب قد أسلم وحسن إسلامه، اسمه عائش أو يعيش وكان صاحب كتب، أو هو جبر غلام رومي لعامر بن الحضرمي، أو عبدان: جبر، ويسار، كانا يقرآن التوراة والإنجيل، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع ما يقرآن، أو سلمان الفارسي { لِّسَانُ ٱلَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ } وبفتح الياء والحاء: حمزة وعلي { أَعْجَمِىٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُّبِينٌ } أي لسان الرجل الذي يميلون قولهم عن الاستقامة إليه لسان أعجمي غير بيّن، وهذا القرآن لسان عربي مبين ذو بيان وفصاحة رداً لقولهم وإبطالاً لطعنهم، وهذه الجملة أعني { لسان الذي يلحدون إليه أعجمي } لا محل لها لأنها مستأنفة جواب لقولهم. واللسان اللغة. ويقال: ألحد القبر ولحده وهو ملحد وملحود إذا أمال حفره عن الاستقامة فحفر في شق منه، ثم استعير لكل إمالة عن الاستقامة فقالوا: ألحد فلان في قوله، وألحد في دينه ومنه الملحد لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها