التفاسير

< >
عرض

وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً
٥٩
-الإسراء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَـٰتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } استعير المنع لترك إرسال الآيات. و«أن» الأولى مع صلتها في موضع النصب لأنها مفعول ثان لـ { منعنا } و«أن» الثانية مع صلتها في موضع الرفع لأنها فاعل { منعنا } والتقدير: وما منعنا إرسال الآيات إلا تكذيب الأولين. والمراد الآيات التي اقترحتها قريش من قلب الصفا ذهباً ومن إحياء الموتى وغير ذلك وسنة الله في الأمم أن من اقترح منهم آية فأجيب إليها ثم لم يؤمن أن يعاجل بعذاب الاستئصال. والمعنى: وما منعنا عن إرسال ما يقترحونه من الآيات إلا أن كذب بها الذين هم أمثالهم من المطبوع على قلوبهم كعاد وثمود، وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك وعذبوا العذاب المستأصل، وقد حكمنا أن نؤخر أمر من بعثت إليهم إلى يوم القيامة. ثم ذكر من تلك الآيات التي اقترحها الأولون ثم كذبوا بها لما أرسلت فأهلكوا واحدة وهي ناقة صالح عليه السلام، لأن آثار هلاكهم قريبة من حدودهم يبصرها صادرهم وواردهم فقال: { وءَاتينا ثمود الناقة } باقتراحهم { مُبْصِرَةً } آية بينة { فَظَلَمُواْ بِهَا } فكفروا بها { وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَـٰتِ } إن أراد بها الآيات فالمعنى لا نرسلها { إِلاَّ تَخْوِيفًا } من نزول العذاب العاجل كالطليعة والمقدمة له، فإن لم يخافوا وقع عليهم، وإن أراد غيرها فالمعنى وما نرسل ما نرسل من الآيات كآيات القرآن وغيرها إلا تخويفاً وإنذاراً بعذاب الآخرة وهو مفعول له.