{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِئِينَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } قيل: الأديان خمسة: أربعة للشيطان وواحد للرحمن، والصابئون نوع من النصارى فلا تكون ستة { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ } في الأحوال والأماكن فلا يجازيهم جزاء واحداً ولا يجمعهم في موطن واحد. وخبر { إن الذين آمنوا } { إن الله يفصل بينهم } كما تقول «إن زيداً إن أباه قائم» { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء شَهِيدٌ } عالم به حافظ له فلينظر كل امرىء معتقده، وقوله وفعله وهو أبلغ وعيد
{ أَلَم تَرَ } ألم تعلم يا محمد علماً يقوم مقام العيان { أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَابُّ } قيل: إن الكل يسجد له ولكنا لا نقف عليه كما لا نقف على تسبيحها قال الله تعالى:
{ وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [الإسراء: 44] وقيل: سمي مطاوعة غير المكلف له فيما يحدث فيه من أفعاله وتسخيره له سجوداً له تشبيهاً لمطاوعته بسجود المكلف الذي كل خضوع دونه { وَكَثِيرٌ مّنَ ٱلنَّاسِ } أي ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة وعبادة، أو هو مرفوع على الابتداء { ومن الناس } صفة له والخبر محذوف وهو مثاب ويدل عليه قوله { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } أي وكثير منهم حق عليه العذاب بكفره وإبائه السجود { وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ } بالشقاوة { فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ } بالسعادة { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء } من الإكرام والإهانة وغير ذلك، وظاهر هذه الآية والتي قبلها ينقض على المعتزلة قولهم لأنهم يقولون شاء أشياء ولم يفعل وهو يقول يفعل ما يشاء. { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ } أي فريقان مختصمان؛ فالخصم صفة وصف بها الفريق وقوله { ٱخْتَصَمُواْ } للمعنى و{ هذان } للفظ والمراد المؤمنون والكافرون. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: رجع إلى أهل الأديان المذكورة: فالمؤمنون خصم وسائر الخمسة خصم { فِى رَبّهِمْ } في دينه وصفاته، ثم بين جزاء كل خصم بقوله { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهو فصل الخصومة المعنى بقوله { إن الله يفصل بينهم يوم القيامة } { قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نَّارِ } كأن الله يقدر لهم نيراناً على مقادير جثتهم تشتمل عليهم كما تقطع الثياب الملبوسة، واختير لفظ الماضي لأنه كائن لا محالة فهو كالثابت المتحقق { يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسَهُمْ } بكسر الهاء والميم، بصري، وبضمهما: حمزة وعلي وخلف، وبكسر الهاء وضم الميم: غيرهم { ٱلْحَمِيمُ } الماء الحار. عن ابن عباس رضي الله عنهما: لو سقطت منه نقطة على جبال الدنيا لأذابتها.