التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ
١٥
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ
١٦
وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ
١٧
وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ
١٨
فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
١٩
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ
٢٠
-المؤمنون

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ } بعد ما ذكرنا من أمركم { لَمَيّتُونَ } عند انقضاء آجالكم { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ تُبْعَثُونَ } تحيون للجزاء { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ } جمع طريقة وهي السماوات لأنها طرق الملائكة ومتقلباتهم { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَـٰفِلِينَ } أراد بالخلق السماوات كأنه قال خلقناها فوقكم وما كنا غافلين عن حفظها، أو أراد به الناس وأنه إنما خلقها فوقهم عليهم الأرزاق والبركات منها وما كان غافلاً عنهم وعما يصلحهم { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاءً } مطراً { بِقَدَرٍ } بتقدير يسلمون معه من المضرة ويصلون إلى المنفعة أو بمقدار ما علمنا من حاجاتهم { فَأَسْكَنَّاهُ فِى ٱلأَرْضِ } كقوله { فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى ٱلأَرْضِ } [الزمر: 21] وقيل: جعلناه ثابتاً في الأرض فماء الأرض كله من السماء. ثم استأدى شكرهم بقوله { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ } أي كما قدرنا على إنزاله نقدر على إذهابه فقيدوا هذه النعمة بالشكر { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ } بالماء { جَنَّـٰتٍ مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَـٰبٍ لَّكُمْ فِيهَا } في الجنات { فَوٰكِهُ كَثِيرَةٌ } سوى النخيل والأعناب { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي من الجنات أي من ثمارها، ويجوز أن هذا من قولهم «فلان يأكل من حرفة يحترفها ومن صنعة يغتلها» أي أنها طعمته وجهته التي منها يحصل رزقه كأنه قال: وهذه الجنات وجوه أرزاقكم ومعايشكم منها ترزقون وتتعيشون.

{ وَشَجَرَةً } عطف على { جنات } وهي شجرة الزيتون { تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء } { طُورِ سَيْنَاء } و { طور سينين } لا يخلو إما أن يضاف الطور إلى بقعة اسمها سيناء وسينون، وإما أن يكون اسماً للجبل مركباً من مضاف ومضاف إليه كامريء القيس وهو جبل فلسطين. وسيناء غير منصرف بكل حال مكسور السين كقراءة الحجازي وأبي عمرو للتعريف والعجمة، أو مفتوحها كقراءة غيرهم لأن الألف للتأنيث كصحراء { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } قال الزجاج: الباء للحال أي تنبت ومعها الدهن { تُنبت } مكي وأبو عمرو. إما لأن أنبت بمعنى نبت كقوله «حتى إذا أنبت البقل»، أو لأن مفعوله محذوف أي تنبت زيتونها وفيه الدهن { وَصِبْغٍ لّلآكِلِيِنَ } أي إدام لهم. قال مقاتل: جعل الله تعالى في هذه إداماً ودهناً، فالإدام الزيتون والدهن الزيت. وقيل: هي أول شجرة نبتت بعد الطوفان. وخص هذه الأنواع الثلاثة لأنها أكرم الشجر وأفضلها وأجمعها للمنافع.