التفاسير

< >
عرض

وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢١٥
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٢١٦
وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ
٢١٧
ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ
٢١٨
وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ
٢١٩
-الشعراء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ } وألن جانبك وتواضع، وأصله أن الطائر إذا أراد أن ينحط للوقوع كسر جناحه وخفضه، وإذا أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلاً في التواضع ولين الجانب { لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } من عشيرتك وغيرهم { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنّى بَرِىء مّمَّا تَعْمَلُونَ } يعني أنذر قومك فإن اتبعوك وأطاعوك فاخفض جناحك لهم، وإن عصوك ولم يتبعوك فتبرأ منهم ومن أعمالهم من الشرك بالله وغيره { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } على الذي قهر أعداءك بعزته وينصرك عليهم برحمته يكفك شر من يعصيك منهم ومن غيرهم، والتوكل: تفويض الرجل أمره إلى من يملك أمره ويقدر على نفعه وضره، وقالوا: المتوكل من إذا دهمه أمر لم يحاول دفعه عن نفسه بما هو معصية لله. وقال الجنيد رضي الله عنه التوكل أن تقبل بالكلية على ربك وتعرض بالكلية عما دونه فإن حاجتك إليه في الدارين. { فتوكل } مدني وشامي عطف على { فقل } أو { فلا تدع }.

{ ٱلَّذِى يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } متهجداً { وَتَقَلُّبَكَ } أي ويرى تقلبك { فِى ٱلسَّـٰجِدِينَ } في المصلين. أتبع كونك رحيماً على رسوله ما هو من أسباب الرحمة وهو ذكر ما كان يفعله في جوف الليل من قيامه للتهجد وتقلبه في تصفح أحوال المتهجدين من أصحابه ليطلع عليهم من حيث لا يشعرون، وليعلم أنهم كيف يعبدون الله ويعملون لآخرتهم. وقيل: معناه يراك حين تقوم للصلاة بالناس جماعة. وتقلبه في الساجدين تصرفه فيما بينهم بقيامه وركوعه وسجوده وقعوده إذا أمهم. وعن مقاتل أنه سأل أبا حنيفة: هل تجد الصلاة بالجماعة في القرآن؟ فقال: لا يحضرني فتلا له هذه الآية.