التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٤٩
إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ
٥٠
قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
٥١
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ
٥٢
قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ
٥٣
وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ
٥٤
فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ
٥٥
وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ
٥٦
لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ
٥٧
وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ
٥٨
وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ
٥٩
إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٦٠
وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٦١
-التوبة

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لّي وَلاَ تَفْتِنّي } ولا توقعني في الفتنة وهي الإثم بأن لا تأذن لي فإني إن تخلفت بغير إذنك أثمت، أولا تلقني في الهلكة فإني إذا خرجت معك هلك مالي وعيالي. وقيل: قال الجد بن قيس المنافق: قد علمت الأنصار إني مستهتر بالنساء فلا تفتني ببنات الأصفر ـ يعني نساء الروم ـ ولكني أعينك بمالي فاتركني { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } يعني أن الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلف { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَـٰفِرِينَ } الآن لأن أسباب الإحاطة معهم أو هي تحيط بهم يوم القيامة { إِن تُصِبْكَ } في بعض الغزوات { حَسَنَةٌ } ظفر وغنيمة { تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ } نكبة وشدة في بعضها نحو ما جرى يوم أحد { يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا } الذي نحن متسمون به من الحذ والتيقط والعمل بالحزم { مِن قَبْلُ } من قبل ما وقع { وَيَتَوَلَّواْ } عن مقام التحدث بذلك إلى أهاليهم { وَّهُمْ فَرِحُونَ } مسرورون { قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } أي قضى من خير أو شر { هُوَ مَوْلَـٰنَا } أي الذي يتولانا ونتولاه { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } وحق المؤمنين أن لا يتوكلوا على غير الله { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا } تنتظرون بنا { إِلا إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ } وهما النصرة والشهادة { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ } إحدى السوءيين إما { أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مّنْ عِندِهِ } وهو قارعة من السماء كما نزلت على عاد وثمود { أَوْ } بعذاب { بِأَيْدِينَا } وهو القتل على الكفر { فَتَرَبَّصُواْ } بنا ما ذكرنا { إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } ما هو عاقبتكم { قُلْ أَنفِقُواْ } في وجوه البر { طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } طائعين أو مكرهين نصب على الحال. { كَرْهاً } حمزة وعلي وهو أمر في معنى الخبر ومعناه { لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } أنفقتم طوعاً أو كرهاً ونحوه { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } [التوبة: 80] وقوله

أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة لدينا ولا مقلية إن تقلت

أي لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، ولا نلومك أسأت إلينا أو أحسنت، وقد جاز عكسه في قولك «رحم الله زيداً»، ومعنى عدم القبول أنه عليه السلام يردها عليهم ولا يقبلها أو لا يثيبها الله. وقوله { طَوْعاً } أي من غير إلزام من الله ورسوله و { كَرْهاً } أي ملزمين، وسمي الإلزام إكراهاً لأنهم منافقون فكان إلزامهم الإنفاق شاقاً عليهم كالإكراه { إِنَّكُمْ } تعليل لرد إنفاقهم { كُنتُمْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } متمردين عاتين.

{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـٰتُهُمْ } وبالياء: حمزة وعلي { إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُواْ } أنهم فاعل «منع» وهم و { أَن تُقْبَلَ } مفعولاه أي وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم { بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ } جمع كسلان { وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَـٰرِهُونَ } لأنهم لا يريدون بهما وجه الله تعالى، وصفهم بالطوع في قوله { طَوْعاً } وسلبه عنهم ههنا لأن المراد بطوعهم أنهم يبذلونه من غير إلزام من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من رؤسائهم، وما طوعهم ذلك إلا عن كراهة واضطرار لا عن رغبة واختبار.

{ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } الإعجاب بالشيء أن تسر به سرور راضٍ به متعجب من حسنه، والمعنى فلا تستحسن ما أوتوا من زينة الدنيا فإن الله إنما أعطاهم ما أعطاهم ليعذبهم بالمصائب فيها، أو بالإنفاق منه في أبواب الخير وهم كارهون له، أو بنهب أموالهم وسبي أولادهم، أو بجمعها وحفظها وحبها والبخل بها والخوف عليها وكل هذا عذاب { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـٰفِرُونَ } وتخرج أرواحهم، وأصل الزهوق الخروج بصعوبة، ودلت الآية على بطلان القول بالأصلح لأنه أخبر أن إعطاء الأموال والأولاد لهم للتعذيب والأماتة على الكفر وعلى إرادة الله تعالى المعاصي، لأن إرادة العذاب بإرادة ما يعذب عليه، وكذا إرادة الإماتة على الكفر { وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ } لمن جملة المسلمين { وَمَا هُم مّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } يخافون القتل وما يفعل بالمشركين فيتظاهرون بالإسلام تقية { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً } مكاناً يلجئون إليه متحصنين من رأس جبل أو قلعة أو جزيرة { أَوْ مَغَـٰرَاتٍ } أو غيراناً { أَوْ مُدَّخَلاً } أو نفقاً يندسون فيه وهو مفتعل من الدخول { لَّوَلَّوَاْ إِلَيْهِ } لأقبلوا نحوه { وَهُمْ يَجْمَحُونَ } يسرعون إسراعاً لا يردهم شيء من الفرس الجموح { وَمِنْهُمُ } ومن المنافقين { مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } يعيبك في قسمة الصدقات ويطعن عليك { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } «إذا» للمفاجأة أي وإن لم يعطوا منها فاجئوا السخط، وصفهم بأن رضاهم وسخطهم لأنفسهم لا للدين وما فيه صلاح أهله، لأنه عليه السلام استعطف قلوب أهل مكة يومئذ بتوفير الغنائم عليهم فضجر المنافقون منه.

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا ءَاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى ٱللَّهِ رٰغِبُونَ } جواب «لو» محذوف تقديره: ولو أنهم رضوا لكان خيراً لهم، والمعنى ولو أنهم رضوا ما أصابهم به الرسول من الغنيمة وطابت به نفوسهم وإن قل نصيبهم وقالوا: كفانا فضل الله وصنعه، وحسبنا ما قسم لنا سيرزقنا غنيمة أخرى فيؤتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما آتانا اليوم إنا إلى الله في أن يغنمنا ويخولنا فضله لراغبون.

ثم بين مواضعها التي توضع فيها فقال:

{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ } قصر جنس الصدقات على الأصناف المعدودة أي هي مختصة بهم لا تتجاوز إلى غيرهم كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم كقولك «إنما الخلافة لقريش» تريد لا تتعداهم ولا تكون لغيرهم، فيحتمل أن تصرف إلى الأصناف كلها، وأن تصرف إلى بعضها كما هو مذهبنا، وعن حذيفة وابن عباس وغيرهما من الصحابة والتابعين أنهم قالوا: في أي صنف منها وضعتها أجزأك. وعند الشافعيرحمه الله : لا بد من صرفها إلى الأصناف وهو المروي عن عكرمة. ثم الفقير الذي لا يسأل لأن عنده ما يكفيه للحال والمسكين الذي يسأل لأنه لا يجد شيئاً فهو أضعف حالاً منه، وعند الشافعيرحمه الله على العكس { وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا } هم السعادة الذين يقبضونها { وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ } على الإسلام أشراف من العرب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألفهم على أن يسلموا وقوم منهم أسلموا فيعطيهم تقريراً لهم على الإسلام { وَفِي ٱلرِّقَابِ } هم المكاتبون يعانون منها { وَٱلْغَـٰرِمِينَ } الذين ركبتهم الديون { وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } فقراء الغزاة أو الحجيج المنقطع بهم { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } المسافر المنقطع عن ماله، وعدل عن اللام إلى «في» في الأربعة الأخيرة للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره، لأن «في» للوعاء، فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها. وتكرير «في» في قوله { وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } فيه فضل وترجيح لهذين على الرقاب والغارمين. وإنما وقعت هذه الآية في تضاعيف ذكر المنافقين ليدل بكون هذه الأصناف مصارف الصدقات حاصة دون غيرهم على أنهم ليسوا منهم، حسماً لأطماعهم وإشعاراً بأنهم بعداء عنها وعن مصارفها، فما لهم وما لها، وما سلطهم على التكلم فيها ولمز قاسمها! وسهم المؤلفة قلوبهم سقط بإجماع الصحابة في صدر خلافة أبي بكر رضي الله عنه لأن الله أعز الإسلام وأغنى عنهم، والحكم متى ثبت معقولاً لمعنى خاص يرتفع وينتهي بذهاب ذلك المعنى { فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ } في معنى المصدر المؤكد لأن قوله { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاءِ } معناه فرض الله الصدقات لهم { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بالمصلحة { حَكِيمٌ } في القسمة.

{ وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } الأذن الرجل الذي يصدق كل ما يسمع ويقبل قول كل أحد، سمي بالجارحة التي هي آلة السماع كأن جملته أذن سامعة، وإيذاؤهم له هو قولهم فيه { هُوَ أُذُنٌ } قصدوا به المذمة وأنه من أهل سلامة القلوب والعزة، ففسره الله تعالى بما هو مدح له وثناء عليه فقال { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ } كقولك «رجل صدق» تريد الجودة والصلاح كأنه قيل: نعم هو أذن ولكن نعم الأذن، ويجوز أن يريد هو أذن في الخير والحق وفيما يجب سماعه وقبوله وليس بأذن في غير ذلك. ثم فسر كونه أذن خير بأنه { يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } أي يصدق بالله لما قام عنده من الأدلة { وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } ويقبل من المؤمنين الخلص من المهاجرين والأنصار، وعدي فعل الإيمان بالباء إلى الله، لأنه قصد به التصديق بالله الذي هو ضد الكفر به، وإلى المؤمنين باللام لأنه قصد السماع من المؤمنين وأن يسلم لهم ما يقولونه ويصدقه لكونهم صادقين عنده، ألا ترى إلى قوله { { وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا } [يوسف: 17] كيف ينبو عن الباء { وَرَحْمَةٌ } بالعطف على { أذن } { وَرَحْمَةٌ }: حمزة عطف على { خَيْرٍ } أي هو أذن خير وأذن رحمة لا يسمع غيرها ولا يقبله { لّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ } أي وهو رحمة الذين آمنوا منكم أي أظهروا الإيمان أيها المنافقون حيث يقبل إيمانكم الظاهر ولا يكشف أسراركم ولا يفعل بكم ما يفعل بالمشركين، أو هو رحمة للمؤمنين حيث استنقذهم من الكفر إلى الإيمان ويشفع لهم في الآخرة بإيمانهم في الدنيا { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الدارين.