التفاسير

< >
عرض

وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ
٧
لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ
٨
دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ
٩
إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ
١٠
فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ
١١
-الصافات

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ وحفظاً من كل شيطان مارد } أي وحفظنا السماء من كل شيطان متمرد عات يرمون بالشهب { لا يسمعون إلى الملأ الأعلى } يعني إلى الملائكة والكتبة لأنهم سكان السماء وذلك أن شياطين يصعدون إلى قرب السماء فربما سمعوا كلام الملائكة فيخبرون به أولياءهم الإنس ويوهمون بذلك أنهم يعلمون الغيب فمنعهم الله من ذلك بهذه الشهب وهو قوله تعالى: { ويقذفون } أي يرمون بها { من كل جانب } أي آفاق السماء { دحوراً } أي يبعدونهم عن مجالس الملائكة { ولهم عذاب واصب } أي دائم { إلا من خطف الخطفة } أي اختلس الكلمة من كلام الملائكة { فأتبعه } أي لحقه { شهاب ثاقب } أي كوكب مضيء قوي لا يخطئه بل يقتله ويحرقه أو يخبله. وقيل سمي النجم الذي ترمى به الشياطين ثاقباً لأنه يثقبهم.
فإن قلت كيف يمكن أن تذهب الشياطين إلى حيث يعلمون أن الشهب تحرقهم ولا يصلون إلى مقصودهم ثم يعودون إلى مثل ذلك.
قلت إنما يعودون إلى استراق السمع مع علمهم أنهم لا يصلون إليه طمعاً في السلامة ورجاء نيل المقصود كراكب البحر يغلب على ظنه حصول السلامة.
وقوله عز وجل: { فاستفتهم } يعني سل أهل مكة { أهم أشد خلقاً أم من خلقنا } يعني من السموات والأرض والجبال وهو استفهام تقرير أي هذه الأشياء أشد خلقاً, وقيل { أم من خلقنا } يعني من الأمم الخالية والمعنى أن هؤلاء ليسوا بأحكم خلقاً من غيرهم من الأمم وقد أهلكناهم بذنوبهم فما الذي يؤمن هؤلاء من العذاب.
ثم ذكر مم خلقوا فقال الله تعال: { إنا خلقناهم من طين لازب } يعني آدم من طين جيد حر لاصق لزج يعلق باليد وقيل من طين نتن.