التفاسير

< >
عرض

فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠٧
ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَٱسْمَعُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ
١٠٨
-المائدة

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ فإن عثر } يعني فإن اطلع وظهر والعثور الهجوم على أمر لم يهجم عليه غيره وكل من اطلع على أمر كان قد خفي عليه قيل له قد عثر عليه { على أنهما استحقا إثماً } يعني الوصيين ومعنى الآية فإن حصل العثور والوقوف على أن الوصيين كانا استوجبا الإثم بسبب خيانتهما وأيمانهما الكاذبة { فآخران } يعني من أولياء الميت وأقربائه { يقومان مقامهما } يعني مقام الوصيين في اليمين { من الذين استحق عليهم } يعني من الذين استحق عليهم الإثم وهم الورثة والمعنى إذا ظهرت خيانة الحالفين وبان كذبهما يقوم اثنان آخران من الذين جنى عليهم وهم أهل الميت وعشيرته { الأوليان } يعني بأمر الميت وهم أهله وعشيرته { فيقسمان بالله } يعني فيحلفان بالله { لشهادتنا أحق من شهادتهما } يعني أيماننا أحق وأصدق من أيمانهما { وما اعتدينا } يعني في أيماننا وقولنا إن شهادتنا أحق من شهادتهما { إنا إذاً لمن الظالمين } ولما نزلت هذه الآية قام عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان لو وهما من أهل الميت وحلفا بالله بعد العصر ودفع الإناء إليهما وإنما ردت اليمين على أولياء الميت لأن الوصيين ادعيا أن الميت باعهما الإناء وأنكر ورثة الميت ذلك ومثل هذا أن الوصي إذا أخذ شيء من مال الميت قال: إنه أوصى له به وأنكر ذلك الورثة ردت اليمين عليه ولما أسلم تميم الداري بعد هذه القصة كان يقول صدق الله وصدق رسوله أنا أخذت الإناء فأنا أتوب إلى الله وأستغفره.
وقوله تعالى: { ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها } يعني ذلك الذي حكمنا به من رد اليمين على أولياء الميت بعد أيمانهم أدنى، أي أجدر وأحرى أن يأتوا بالشهادة على وجهها يعني أن يأتي الوصيان وسائر للناس بالشهادة على وجهها فلا يخونوا فيها { أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم } أي وأقرب أن يخاف الوصيان أن ترد الأيمان على أولياء الميت فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا ويغرّموا فربما لا يحلفون كاذبين إذا خافوا هذا الحكم { واتقوا الله } يعني وخافوا الله أن تحلفوا أيماناً كاذبة أو تخونوا أمانة { واسمعوا } يعني المواعظ والزواجر وقيل معناه واسمعوا سمع إجابة { والله لا يهدي القوم الفاسقين } يعني: والله لا يرشد من كان على معصية وهذا تهديد وتخويف ووعيد لمن خالف حكم الله تعالى أو خان أمانته أو حلف أيماناً كاذبة وهذه الآية الكريمة من أصعب ما في القرآن من الآيات نظماً وإعراباً وحكماً والله أعلم بأسرار كتابه.