التفاسير

< >
عرض

وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
١٥٥
أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ
١٥٦
أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ
١٥٧
-الأنعام

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله عز وجل: { وهذا كتاب أنزلناه مبارك } يعني: القرآن لأنه كثير الخير والنفع والبركة ولا يتطرق إليه نسخ { فاتبعوه } يعني: فاعملوا بما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام { واتقوا } يعني مخالفته { لعلكم ترحمون } يعني: ليكن الغرض بالتقوى رحمة الله وقيل معناه لكي ترحموا على جزاء التقوى { أن تقولوا } يعني لئلا تقولوا وقيل معناه كراهية أن تقولوا يعني أنزلنا إليكم الكتاب كراهية أن تقولوا { إنما أنزل الكتاب } وقيل: يجوز أن تكون أن متعلقة بما قبلها فيكون المعنى واتقوا أن تقولوا وهذا خطاب لأهل مكة والمعنى واتقوا يا أهل مكة أن تقولوا إنما أنزل الكتاب والكتاب اسم جنس لأن المراد به التوراة والإنجيل { على طائفتين من قبلنا } يعني اليهود والنصارى { وإن كنا } أي: وقد كنا وقيل وإنه كنا { عن دراستهم } يعني قراءتهم { لغافلين } يعني: لا علم لنا بما فيها لأنها ليست بلغتنا. والمراد بهذه الآية إثبات الحجة على أهل مكة وقطع عذرهم بإنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بلغتهم والمعنى: وأنزلنا القرآن بلغتهم لئلا يقولوا يوم القيامة إن التوراة والإنجيل أنزلا على طائفتين من قبلنا بلسانهم ولغتهم فلم نعرف ما فيهما فقطع الله عذرهم بإنزال القرآن عليهم بلغتهم { أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم } وذلك أن جماعة من الكفار قالوا لو أنزل علينا ما أنزله على اليهود والنصارى لكنّا خيراً منهم وأهدى وإنما قالوا ذلك لاعتمادهم على صحة عقولهم وجودة فطنهم وذهنهم قال الله عز وجل: { فقد جاءكم بينة من ربكم } وهو رحمة ونعمة أنعم الله بها عليكم { فمن أظلم } أي لا أحد أظلم أو أكفر { ممن كذب بآيات الله وصدف عنها } يعني وأعرض عنها { سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب } يعني أسوأ العذاب وأشده { بما كانوا يصدفون } أي ذلك العذاب جزاؤهم بسبب إعراضهم وتكذيبهم بآيات الله.