التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىۤ إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٢٤٦
-البقرة

التفسير

قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ... }.
قال ابن عرفة: الرؤية إن كانت بصرية ونزل الغائب منزلة الحاضر تحقيقا له، (فالخطاب) للنبي صلى الله عليه وسلم وحده، وكذلك قالوا في قول سيبويه: هذا باب: إنّ الخطاب للخواص لا للعوام. وإن كانت علمية فالخطاب للجميع والظاهر الأول (لتعديه بإلى).
قوله تعالى: { إِذْ قَالُواْ... }.
قوله تعالى: { لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً... }.
لم يقل: لنبيّهم لأجل مخالفتهم له وعدم اتّباعهم إياه فلذلك لم يضفه إليهم، والنبي إما شمعون، أو شمويل، أو يوشع.
وأبطل ابن عطية كونه يوشع لأن يوشع كان بعد موسى وبينه وبين داود قرون كثيرة.
قال ابن عرفة: لعل يوشع رجل آخر (غير) الذي كان بعد موسى.
(ابن عرفة قال: وتقدم لنا أنّ الإخبار بهذا القصص إما معجزة له صلى الله عليه وسلم (أو وعظ وتخويف لأمّته أن ينالهم مثل ما نال أولئك).
قوله تعالى: { نُّقَاتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ... }.
القتال مع أنّهم لم يقاتلوا إلا لأجل استخلاص (حريمهم) وأولادهم لكنه مستلزم لقتالهم في سبيل الله.
قوله تعالى: { هَلْ عَسَيْتُمْ... }.
قال الزمخشري: (هل) استفهام في معنى الإنكار عليهم والتقدير مثل:
{ هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ
}. قال ابن عرفة: ويظهر لي أنه استفهام على بابه، وأنه تأكيد في التلطف في الخطاب لمّا وبخهم على العصيان تلطف في العبارة عنه بوجهين:
أحدهما: ذكره له بلفظ الرجاء (مقاربة) العصيان دون التحقيق.
الثاني: لفظ الاستفهام دون الخبر.
فإن قلت: هم إنما طلبوا منه أن يؤمر عليهم ملكا في قتال يتطوعون به فكيف أجابهم بامتناعهم من قتال يكتب عليهم فرضا؟
قلت: إذا امتنعوا من امتثال قتال يجب عليهم (فأحرى) (ألا يوفوا) بقتال يتطوعون به.
وقرأ الكل "عَسَيتُمْ" بفتح السين إلا نافعا كسرها.
قال الزمخشري: وهي ضعيفة.
قال ابن عرفة: هذا (عادته) في تجاسره على القراءات (السبعة) وتصريحه بأنها غير متواترة.
قوله تعالى: { وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا... }.
قال ابن عرفة: (إما أنّهم جعلوا) إخراج مثلهم كإخراجهم فنزّلوا إخراج المماثل لهم منزلة إخراجهم، وإمّا أن المراد وقد قاربنا الإخراج من الديار.
قيل لابن عرفة (أو) أخرجوا منها حقيقة ثم رجعوا إليها وقيل: إنّه على القلب، أي إخراج أبنائنا من ديارنا.
قوله تعالى: { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ... }.
ابن عرفة: هذا أبلغ من لو قيل: فكُتب عليهم القتال فتولوا، لأن قولك: لما قام زيد قام عمرو، أبلغ من قولك: قام زيد فقام عمرو، لاقتضائه تحقيق السبيبية والارتباط.
ابن عرفة: ويحتمل أن يكون (تقدم) سؤالهم سببا في (وجوب) القتال عليهم وكان قبل ذلك تطوعا كقضية بني إسرائيل في البقرة.