التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
١٥
قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٦
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ
١٧
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
١٨
-يونس

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَـٰتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } يعني: بعْضَ كفار قريش: { ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ }، ثم أمر سبحانه نبيه أَنْ يردَّ عليهم بالحق الواضح، فقال: { قُل لَّوْ شَاءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ } ولا أعلمكم به، و{ أَدْرَٰكُم } بمعنى: أعلمكم، تقول: دَرَيْتُ بالأَمْرِ، وأَدْرَيْتُ بِهِ غيري، ثم قال: { فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ } يعني: الأربعين سنةً قبل بعثته عليه السلام، أي: فلم تجرِّبوني في كَذِبٍ، ولا تكلَّمتُ في شيءٍ مِنْ هذا { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }؛ أنَّ من كان على هذه الصفة لا يصحُّ منه كذب بعد أَنْ ولَّى عمره، وتقاصَرَ أملُهُ، واشتدَّت حِنْكَته وخوفُه لربِّه.

وقوله: { فَمَنْ أَظْلَمُ }: ٱستفهامٌ وتقريرٌ، أي: لا أحد أظلم ممَّن ٱفترى على اللَّه كذباً، أو ممَّن كذَّب بآياته؛ بَعْد بيانها، والضمير في { يَعْبُدُونَ } لكفَّار قريش، وقولهم: { هَـؤُلاءِ شُفَعَـٰؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ }: هذا قول النبلاء منهم، ثم أمر سبحانه نبيَّه أن يقرِّرهم ويوبِّخهم بقوله: { أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ }، وذكر السمٰوات؛ لأن من العرب من يعبد الملائكَةَ والشِّعْرَى، وبحسب هذا حَسُنَ أن يقول: { هَـؤُلاءِ شُفَعَـٰؤُنَا }، وقيل: ذلك على تجوُّز في الأصنام التي لا تَعْقِلُ.