التفاسير

< >
عرض

ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ
٩٣
وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ
٩٤
قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ
٩٥
فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٩٦
-يوسف

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله: { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي }: قال النَّقَّاش: روي أن هذا القميصَ كَانَ مِنْ ثياب الجَنَّة، كساه اللَّه إِبراهيم، ثم توارَثَهُ بنوه.

قال * ع *: هذا يحتاجُ إِلى سندٍ والظاهرُ أنه قميصُ يوسُفَ كسائر القُمُصِ، وقولُ يوسف: { يَأْتِ بَصِيرًا } فيه دليلٌ على أنَّ هذا كلَّه بوحْيٍ وإِعلامٍ مِنَ اللَّه تعالى، وروي أنَّ يعقوب وجد ريحَ يوسُفَ وبَيْنَهُ وبَيْنَ القَميصِ مسيرةُ ثمانيةِ أيامٍ؛ قاله ابن عباس، وقال: هاجَتْ ريحٌ، فحملَتْ عَرْفَه، وقول يعقوب: { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ }: مخاطبةٌ لحاضريه، فروي أنهم كانوا حَفَدَتَهُ، وقيل: كانوا بَعْضَ بنيه، وقيل: كانوا قرابتَهُ و{ تُفَنِّدُونِ } معناه: تردُّون رأْيي، وتدْفَعُون في صَدْره، وهذا هو التفنيد لغة، قال مُنْذِرُ بن سَعِيدٍ: يقال: شَيْخٌ مُفَند، أيْ: قد فسد رأيه والذي يشبه أنَّ تفنيدهم ليعقوبَ؛ إِنما كان لأَنهم كانوا يعتقدون أنَّ هواه قد غَلَبَهُ في جانِبِ يوسُفَ.

وقال * [ص] *: معنى { تُفَنِّدُونِ }: تسفِّهون، انتهى، وقولهم: { إِنَّكَ لَفِي ضَلَـٰلِكَ ٱلْقَدِيمِ }: يريدون: لَفِي ٱنتلافِكَ في مَحَبَّة يوسف، وليس بالضَّلال الذي هو في العُرْف ضدُّ الرشادِ؛ لأن ذلك من الجَفَاءِ الذي لا يَسُوغُ لهم مواجَهَتِه به.

وقوله سبحانه: { فَلَمَّا أَن جَاءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيرًا }: روي عن ابنَ عَبَّاسٍ؛ أن البشير كان يَهُوذَا؛ لأنه كان جَاءَ بِقَمِيصِ الدَّمِ و{ بَصِيراً }: معناه: مُبْصراً، وروي أنه قال للبشير: على أيِّ دِينٍ تركْتَ يوسُفَ؟ قال: على الإِسلام؛ قال: الحَمْدِ للَّهِ؛ الآن كَمُلَتِ النعمة.