التفاسير

< >
عرض

إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ
٢٢
لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ
٢٣
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٢٤
لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ
٢٥
-النحل

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { إِلَـٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وٰحِدٌ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ } أي: مُنْكِرَةٌ ٱتحاد الإِلٰه.

* ت *: وهذا كما حَكَى عنهم سبحانه في قولهم: { { أَجَعَلَ ٱلأَلِهَةَ إِلَـٰهاً وَٰحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } [ص:5].

وقوله: { لاَ جَرَمَ } عبَّرت فرقةٌ من اللُّغويِّين عن معناها بـــ «لاَ بُدَّ ولا محالة»، وقالت فرقة: معناها: حق أن اللَّه، ومذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أنَّ «لا» نفيٌ لما تقدَّم من الكلامِ، و«جرم»: معناه: وَجَبَ أو حَقَّ ونحوه، هذا مذهبُ الزَّجَّاجِ، ولكنْ مع مذهبهما، «لا» ملازِمَةٌ لـــ «جَرَمَ» لا تنفَكُّ هذه مِنْ هذه.

وقوله سبحانه: { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ }: عامٌّ في الكافرين والمؤمنين يأخذ كلُّ أحد منهم بِقِسْطه، قال الشيخُ العارفُ باللَّه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي جَمْرَةَ رحمه اللَّه موتُ النفوسِ حياتُهَا، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْيَا يَمُوتُ ببَذْل أَهْل التوفيقِ نفوسَهُم وهوانِهَا عليهم، نالوا ما نالوا، وبِحُبِّ أهْل الدنيا نفوسَهُم هانوا وطَرَأَ عليهم الهوانُ هنا وهناك، وقد ورد في الحديثِ: «أنَّه مَا مِنْ عَبْدٍ إِلا وَفِي رَأْسِهِ حِكْمَةٌ بِيَدِ مَلَكٍ، فَإِنْ تَعَاظَمَ، وَٱرْتَفَعَ، ضَرَبَ المَلَكُ فِي رَأْسِهِ، وَقَالَ لَهُ: ٱتَّضِعْ وَضَعَكَ اللَّهُ، وَإِنْ تَوَاضَعَ رَفَعَهُ المَلَكُ، وَقَالَ لَهُ: ٱرْتَفِعْ، رَفَعَكَ اللَّهُ»، مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا بما به يقرِّبنا إِليه بمنِّهِ. انتهى.

وقوله سبحانه: { وَإِذَا قِيلَ لَهُم }: يعني: كفَّار قريشٍ: { مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ... } الآية، يقال: إِن سببها النضْرُ بْنُ الحارِثِ، واللام في قوله: { لِيَحْمِلُواْ } يحتملُ أن تكون لاَم العاقبةِ، ويحتمل أن تكون لامَ كَيْ، ويحتمل أن تكون لام الأمْرِ؛ على معنى الحَتْمِ عليهم والصَّغَارِ الموجِبِ لهم.

وقوله سبحانه: { وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ }: «من»: للتبعيضِ؛ وذلك أن هذا الرأس المُضِلَّ يحمل وِزْرَ نفسه ووزراً مِنْ وزر كلِّ مَنْ ضلَّ بسببه، ولا ينقُصُ من أوزار أولئك شيْءٌ، والأوزار هي الأثْقَال.