التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً
٧٥
وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً
٧٦
-مريم

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قوله سبحانه: { قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً }، فيحتمل أَنْ يكون بمعنى الدُّعَاءِ والاِبْتِهَال؛ كأَنه يقولُ: الأَضَلّ مِنّا ومنكم مد اللّه له، أَيْ: أَمْلَىٰ له؛ حَتَّى يؤول ذلك إلَى عذابِه، ويحتمل أَنْ يكون بمعنى الخبر؛ أنه سبحانه هذه عَادَتُه: الإمْلاَءُ للضَّالِينْ: { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ }، أَيْ: في الدنيا بنصر اللّه لِلْمُؤْمِنينَ عليهم، { وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ } فيصيرون إلى النارِ، والجندُ النَّاصِرُون: القَائِمُون بأَمْر الحرب، و { شَرٌّ مَّكَاناً } بإزاء قَوْلهِم { خَيْرٌ مَّقَاماً } و { أَضْعَفُ جُنداً } بإزاء قولهم: { أَحْسَنُ نَدِيّاً } ولما ذكر سبحانه ضَلاَلَةَ الكَفَرةِ وافتخارَهُم بنِعَم الدنيا عَقَّبَ ذلك بذكر نِعْمة اللّه على المؤْمِنينَ في أَنه يزيدهم هُدَىً في الارْتِبَاط بالأَعمالِ الصَّالحة، والمعرفة بالدَّلائل الوَاضِحَة، "وقد تقدَّم تَفْسِيرُ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: وأنها: سُبْحَانَ اللّهِ، والحمُدْ لِلَّهِ وَلاَ إلٰهَ إلاَّ اللّهُ واللّهُ أَكْبَرُ وقد قال صلى الله عليه وسلم لأَبِي الدَّرْدَاءِ: خُذْهُنَّ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ، وَبَيْنَهُنَّ؛ فَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ، وَهُنَّ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ" وعنه صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: "خُذُوا جُنَّتِكُم، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ: مِنَ النَّارِ، قَالُوا: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللّهِ، والحمُدْ لِلَّهِ وَلاَ إلٰهَ إلاَّ اللّهُ واللّهُ أَكْبَرُ، وَهُنَّ البَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ" .

وكَان أَبو الدرداء يقولُ إذَا ذكر هذا الحدِيثَ: لأُهَلِّلنّ، ولأُكَبِّرنَّ اللّهَ، ولأُسَبِّحَنَّهُ حَتَّى إذَا رَآنِي الجَاهِلُ ظنِّنِي مَجْنُوناً.

* ت *: ولو ذكرنا ما ورد مِنْ صَحِيح الأَحادِيث في هذا الباب، لخرجنا بالإطالة عن مقصُودِ الكتاب.