وقوله تعالى: { وَلاَ تَنكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } ونَكَح: أصله في الجمَاع، ويستعمل في العَقْد تجوُّزاً.
قالت طائفة: المشركاتُ هنا: من يُشْرِكُ مع اللَّه إِلهاً آخرْ.
وقال قتادة وابْنُ جُبَيْر: الآية عامَّة في كل كَافِرة، وخصَّصتها آية المائدة، ولم يتناوَلِ العمومُ قطُّ الكتابيَّاتِ، وقال ابنُ عبَّاس، والحسن: تناولهن العمومُ، ثم نَسَخَتْ آيةُ المائدة بَعْضَ العمومِ في الكتابيَّات، وهو مذهب مالكٍ - رحمه اللَّه - ذكره ابن حَبِيبٍ.
وقوله تعالى: { وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ... } الآية. هذا إِخبار من اللَّه سبحانَه أن المؤمنة المَمْلُوكة خَيْرٌ من المشركة، وإِن كانت ذاتَ الحَسَب والمَالِ، ولو أعجبتْكم في الحُسْن وغير ذلك، هذا قول الطَّبَرِيِّ وغيره.
وقوله سبحانه: { وَلاَ تُنكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ... } الآية: أجمعت الأمة علَىٰ أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجْهٍ؛ لما في ذلك من الغَضَاضَةِ علَىٰ دين الإِسلام.
قال بعض العلماء: إِن الولايةَ في النكاحِ نصٌّ في هذه الآية، قلت: ويعني ببعض العلماءِ محمَّدَ بْنَ عليِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قاله ابنُ العَرَبِيِّ. انتهى.
ولَعَبْدٌ مُؤمنٌ مملوكٌ خَيْرٌ من مشركٍ حسيبٍ، ولو أعجبكم حُسْنُه ومالُهُ؛ حسبما تقدَّم.
قال: * ع *: وتحتمل الآية عنْدي أن يكون ذكْر العَبْدِ والأمةِ عبارةً عن جميع الناسِ حُرِّهم ومملوكِهِم؛ إِذْ هم كلُّهم عبيده سُبْحَانه.
وقوله تعالى: { أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ }، أي: بصحبتهم، ومعاشرتهم، والاِنحطاطُ في كثيرٍ من أهوائهم، واللَّه عزَّ وجلَّ مُمِنٌّ بالهداية، ويبيِّنُ الآياتِ، ويحضُّ على الطاعات التي هي كلُّها دواعٍ إِلى الجنَّة، والإِذن: العلْم والتمكينُ، فإِن ٱنضافَ إِلَىٰ ذلك أمْرٌ، فهو أقوَىٰ من الإِذن؛ لأنك إِذا قلْتَ: أذنْتُ في كذا، فليس يلزمك أنَّكَ أمرْتَ، و { لَعَلَّهُمْ }: ترجٍّ في حق البشر، ومن تذَكَّر، عمل حَسَبَ التذكُّر، فنَجَا.