التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
٤٠
ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ
٤١
-الحج

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم } يريد كُلَّ مَنْ خرج من مكة وآذاه أهلها حتى أخرجوه بإذايتهم، - طائفة إلى الحبشة وطائفة إلى المدينة -، ونسب الإخراج إلى الكفار؛ لأَنَّ الكلام في معرض تقرير الذنب، وإلزامه لهم.

وقوله: { إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } استثناءٌ مُنْقَطِعٌ.

قال * ص *: وأجاز أبو إسحاق وغيرُه أنْ يكون في موضع جَرٍّ بدلاً من حَقَّ، أي: بغير مُوجِبٍ سوى التوحيدِ الذي ينبغي أن يكونُ مُوجِبَ الإقرار، لا مُوجِبَ الإِخراج، ومثله: { { هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ } [المائدة:59] انتهى، وهو حَسَنٌ من حيث المعنى، والانتقاد عليه مُزَيَّفٌ.

وقوله: { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ } الآية تقوية للأمر بالقتال، وذكر أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ في الأمم، وبه صَلُحَتِ الشرائع، فكأنه قال: أُذِنَ في القتال، فليقاتلِ المؤمنون، ولولا القتالُ والجهادُ لَتُغُلِّبَ على الحَقِّ في كُلِّ أُمَّةٍ، هذا أصوب تأويلات الآية، والصومعة: موضع العبادة، وهي بِنَاءٌ مرتفع، منفرد، حديد الأعلى، والأصمع من الرجال: الحديد القول، وكانت قبل الإسلام مُخْتَصَّةً برهبان النصارى، وعُبَّادِ الصابئين؛ قاله قتادة، ثم اسْتُعْمِلَتْ في مئذنة المسلمين، والبِيَعُ: كنائس النصارى، واحدتها: بِيعَةٌ.

وقال الطبري: قيل: هي كنائس اليهود، ثم أدخل عن مجاهد ما لا يقتضي ذلك، والصلوات مشتركة لكل مِلَّةٍ؛ واستعير الهدم للصلوات من حيث تعطيلها، أو أرادَ موضع صلواتٍ، وقال أبو العالية: الصلوات مساجد الصابئين، وقيل: غير هذا.

وقوله: { يُذْكَرُ فِيهَا } الضمير عائد على جميع ما تَقَدَّمَ، ثم وعد سبحانه بنُصْرَةِ دينه وشرعه، وفي ذلك حَضٌّ على القتال والجدِّ فيه، ثم الآية تَعُمُّ كل مَنْ نصر حقّاً إلى يوم القيامة.

وقوله سبحانه: { ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةِ... } الآية: قالت فرقة: هذه الآية في الخلفاءِ الأربعة، والعمومُ في هذا كله أبينُ، وبه يَتَّجِهُ الأمر في جميع الناس، وإنَّما الآية آخذة عهداً على كُلِّ مَنْ مُكِّنَ في الأرض على قَدْرِ ما مُكِّنَ، والآية أمكن ما هي في الملوك.

وقوله سبحانه: { ولِلَّهِ عَاقِبَةِ ٱلأُمُورِ }: تَوَعُّدٌ للمخالف عن هذه الأمور التي تقتضيها الآية لمن مكن.