التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ
١٥
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ
١٦
وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ
١٧
وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ
١٨
فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
١٩
-المؤمنون

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيّتُونَ } أي: بعد هذه الأحوال المذكورة، ويريد بالسبع الطرائق: السمٰواتِ، والطرائق: كُلِّ ما كان طبقاتٍ بعضه فوق بعض؛ ومنه طارقت نعلي. ويجوزُ أَنْ تكونَ الطرائق بمعنى المَبْسُوطاتِ؛ من طرقت الشيء.

قلت: وقوله تعالى: { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ... } الآية: ظاهر الآية أَنَّهُ ماءُ المطر، وأسند أبو بكر ابن الخطيب في أول «تاريخ بغداد» عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ الجَنَّةِ إلَى الأَرْضِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ: سَيْحُونَ: وَهُو نَهْرُ الهِنْدِ، وجَيْحُونَ: وَهُوَ نَهْرُ بَلْخَ، ودِجْلَةَ والفُرَاتَ: وَهمَا نَهَرَا العِرَاقِ، والنِّيلَ: وَهُوَ نَهْرُ مِصْرَ، أَنْزَلَهَا اللّهُ تعالى مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُيُونِ الجَنَّةِ مِنْ أَسْفَلِ دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِهَا عَلَى جَنَاحَيْ جِبْرِيلَ، فَاسْتَوْدَعَهَا الجِبَال، وَأَجْرَاهَا فِي الأَرْضِ، وَجَعَلَ فِيهَا مَنَافِعَ لِلنَّاسِ فِي أَصْنَافِ مَعَايِشِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ } فَإذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، أَرْسَلَ اللّهُ تعالى جِبْرِيلَ فَرَفَعَ مِنَ الأَرْضِ القُرْآنَ، وَالْعِلْمَ كُلَّهُ، وَالْحَجَرَ مِنْ رُكْنِ البَيْتِ، وَمَقَامَ إبْرَاهِيمَ، وَتَابُوتَ مُوسَىٰ عليه السلام بما فِيهِ، وَهَذِهِ الأَنْهَارَ الخَمْسَةَ، فَيَرْفَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى السَّمَاءِ؛ فذلك قوله تعالى: { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ }، فَإذَا رُفِعَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ مِنَ الأَرْضِ، فَقَدَ أَهْلُهَا خَيْرَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا" . وفي رواية: «خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». انتهى، فَإنْ صَحَّ هذا الحديث، فلا نظرَ لأحد معه، ونقل ابن العربي في «أحكامه» هذا الحديثَ أيضاً عن ابن عباس وغيره، ثم قال في آخره: وهذا جائز في القدرة إنْ صَحَّتْ به الرواية، انتهى.

قال * ع *: قوله تعالى: { مَاء بِقَدرٍ } قال بعض العلماء: أَراد المطر.

وقال بعضهم: إنَّما أراد الأنهار الأربعة سيحان وجَيْحَانَ والفرات والنيل.

قال * ع *: والصواب أَنَّ هذا كُلَّهُ داخل تحت الماء الذي أنزله الله تعالى.

وقوله تعالى: { لَكُم فِيهَا فَوَٰكِهُ كَثِيرَةٌ } يحتمل: أنْ يعود الضمير على الجنات؛ فيشمل أنواع الفواكه، ويحتمل أَنْ يعود على النخيل والأعناب خاصَّةً؛ إذ فيهما مراتبُ وأنواع، والأَوَّلُ أعمُّ لسائر الثمرات.