وقوله سبحانه: { وَمَا أَصَـٰبَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ }، يعني: يوم أُحُد.
وقوله سبحانه: { وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }، أيْ: ليعلم اللَّه المؤمن مِنَ المُنَافق، والإشارة بقوله سبحانه: { نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ }: هي إلى عَبْد اللَّه بن أبَيٍّ وأصحابه، حين ٱنْخَزَلَ بنَحْو ثُلُث النَّاسِ، فمشَىٰ في إثرهم عبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزَامٍ أبُو جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فقَالَ لهم: اتقوا اللَّهَ، ولا تَتْرُكُوا نبيَّكم، وقاتلوا في سَبيلِ اللَّهِ، أو ٱدفَعُوا، ونحْوَ هذا من القولِ، فقال له ابْنُ أُبَيٍّ: ما أَرَىٰ أَنْ يكُونَ قِتَالاً، ولو علمْنا أنْ يكُونَ قتَالٌ، لكنا معكم، فلما يَئِسَ منهم عبْدُ اللَّهِ، قال: ٱذْهَبُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ، فَسَيْغُنِي اللَّهُ رَسُولَهُ عَنْكُمْ، ومضَىٰ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَٱسْتَشْهَدَ.
وقوله تعالى: { أَوِ ٱدْفَعُواْ }، قال ابنُ جُرَيْجٍ وغيره: معناه: كَثِّروا السوادَ، وإنْ لم تقاتِلُوا، فيندفع القَوْم؛ لكثرتِكُمْ، وذهب بعضُ المفسِّرين إلى أنَّ قولَ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «أو ٱدْفَعُوا»: استدعاء للقتَالِ حميَّةً؛ إذ ليسوا بأهْلٍ للقتال في سبيل اللَّه، والمعنَىٰ: قاتلوا في سبيل اللَّه، أو قاتلوا دفاعاً عن الحَوْزَة؛ ألا تَرَىٰ أنَّ قُزْمَانَ قَالَ في ذلك اليَوْمِ: واللَّهِ، ما قاتلْتُ إلاَّ عَلَىٰ أحساب قَوْمِي، وقَوْلِ الأنصاريِّ يومئذ؛ لَمَّا أرسلَتْ قُرَيْشٌ الظَّهْرَ في الزُّروع: أَتُرْعَىٰ زُرُوعَ بَنِي قَيْلَةَ، وَلَمَّا نُضَارِبْ.