التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٢١
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٢٢
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ
٢٣
ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٢٤
فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٢٥
-آل عمران

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ... } الآية: هذه الآيةُ نزلَتْ في اليهودِ والنصارَىٰ، وتعمُّ كلَّ من كان بهذه الحال، وفيها توبيخٌ للمعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، روَىٰ أبو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ "أَنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ قَتَلُوا ثَلاَثَةً وَأَرْبَعِينَ نَبِيًّا، فَٱجْتَمَعَ مِنْ عُبَّادِهِمْ وأَحْبَارِهِمْ مِائَةٌ وعِشْرُونَ؛ لِيُغَيِّرُوا المُنْكَرَ، وَيُنْكِرُوا، فَقُتِلُوا جَمِيعاً، كُلُّ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وذَلِكَ مَعْنَىٰ قَوْلِهِ تَعَالَىٰ: { وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ }" ، و { حَبِطَتْ }: معناه: بَطَلَتْ.

وقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَـٰبِ ٱللَّهِ... } الآية: قال ابن عبَّاس: نزَلَتْ هذه الآيةُ بسبب أنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم دخَلَ بيْتَ المِدْرَاسِ عَلَىٰ جماعةٍ من يَهُود، فدعاهمْ إِلى اللَّه تعالى، فقال له نُعَيْمُ بْنُ عَمْرٍو، والحَارِثُ بْنُ زَيْدٍ: عَلَىٰ أَيِّ دِينٍ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أَنا عَلَىٰ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم، فَقَالا: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَهُودِيًّا، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَهَلُمُّوا إِلَى التَّوْرَاةِ، فَهِيَ بَيْنَنَا، وَبَيْنَكُمْ، فَأَبَيَا عَلَيْهِ، وَنَزَلَتِ الآيةُ.

قال * ع *: فالكتابُ؛ في قوله: { مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ }: اسمُ جنس، والكتابُ؛ في قوله: { إِلَىٰ كِتَـٰبِ ٱللَّهِ } هو التوراةُ، وقال قتادةُ وابنُ جُرَيْجٍ: هو القرآن، ورجَّح الطبريُّ الأولَ.

وقوله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ }: الإشارة فيه إٍلى التولِّي والإِعراض، أي: إِنما تولَّوْا، وأعرضوا؛ لاغترارهم بأقوالهم، وٱفترائهم، ثم قال تعالَىٰ خطاباً لنبيِّه محمَّد صلى الله عليه وسلم، وأمته، علَىٰ جهة التوقيفِ والتعجيب: فكيف حالُ هؤلاءِ المغترِّين بالأباطيل، إِذا حشروا يوم القيامة، وٱضمحلَّتْ تلك الزخارفُ والدعاوَىٰ، وجوَّزوا بما ٱكتسبوه مِنْ كفرهم، وأعمالهم القبيحة، قال ابن عطيَّة: والصحيحُ في يوم القيامةِ أنَّه يَوْمٌ؛ لأنَّ قبله ليلةٌ، وفيه شَمْسٌ، وقال النقَّاش: المراد باليَوْمِ الوقْتُ.