التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً
١٢٤
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
١٢٥
-النساء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتَ }، دخلَتْ «من» للتبعيض؛ إذ الصالحاتُ على الكمالِ ممَّا لا يطيقُهُ البَشَر؛ ففِي هذا رفْقٌ بالعبادِ، لكنْ في هذا البَعْضِ الفرائضُ، وما أمْكَنَ من المندوبِ إلَيْهِ، ثم قَيَّد الأمر بالإيمان؛ إذ لا ينفعُ عمَلٌ دونه، والنَّقِيرُ: النُّكْتَةُ التي في ظَهْر النَّواة ومنه تَنْبُتُ، وعن ابن عبَّاس: ما تَنْقُرُهُ بأصبعِكَ.

ثم أخبر تعالَىٰ إخباراً موقفاً علَىٰ أنه لا أحسن ديناً مِمَّن أسلم وجْهَهُ للَّه، أي: أخلَص مَقْصِدَهُ وتَوَجُّهَهُ، وأحْسَنَ في أعماله، وٱتَّبَعَ الحنيفيَّةَ ملَّةَ إبراهيمَ إمامِ العالَمِ، وقُدْوَةِ الأديانِ، ثم ذكَر سبحانه تشريفَهُ لنبيِّه إبراهيم ـــ عليه السلام ـــ؛ باتخاذه خليلاً، وسمَّاه خليلاً؛ إذ كان خُلُوصه، وعبادتُه، وٱجتهاده على الغايةِ الَّتي يجري إلَيْها المحبُّ المبالغ، وذهب قوم؛ إلى أنهُ سُمِّي خليلاً من «الخَلَّة» ـــ بفتح الخاء ـــ، أي: لأنه أنزل خَلَّته وفاقته باللَّه تعالَىٰ، وكذلك شَرَّف اللَّه نبيَّنا محمداً صلى الله عليه وسلم بالخَلَّة؛ كما هو مصرَّح به في الحديثِ الصحيحِ.