التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً
٧١
وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً
٧٢
وَلَئِنْ أَصَٰبَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً
٧٣
-النساء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ... } الآية: هذا خطابٌ للمُخْلِصِينَ من أُمَّة نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم، وأمْر لهم بجهادِ الكفَّارِ، والخُرُوجِ فِي سَبيلِ اللَّهِ، وحمايةِ الإسلامِ، و { خُذُواْ حِذْرَكُمْ }: أي: ٱحزموا وٱستعدُّوا بأنواع الاِستعدادِ، و { ٱنْفِرُواْ }: معناه: ٱخْرُجُوا، و { ثُبَاتٍ }: معناه جماعاتٍ متفرِّقات، وهي السَّرَايَا، والثُّبَةُ: حُكِيَ أنها فوق العَشَرة، و { جَمِيعاً }: معناه: الجيش الكَثِير مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ هكذا قال ابنُ عبَّاس وغيره.

وقوله تعالى: { وَإِنَّ مِنكُمْ } إيجابٌ، والخطابُ لجماعةِ المؤمنين، والمراد بـ «مَنْ»: المنافقُونَ، وعبَّر عنهم بـــ { مِنكُمْ } إذ في الظاهر في عِدَادِ المُؤْمنين، واللامُ الدَّاخلةُ علَىٰ «مَنْ»: لامُ التأكيدِ، والداخلةُ على: «يُبَطِّئَنَّ»: لامُ القَسَم؛ عند الجمهور، وتقديره: وإنَّ منكم لَمَنْ، وَاللَّهِ، لَيُبَطِّئَنَّ، ويِبَطِّئَنَّ: معناه: يبطِّىءُ غَيْرَهُ، أيْ: يثبِّطهُ،. ويحمِلُه على التخلُّف عن مغازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، و{ مُصِيبَة }، يعني: مِنْ قتالٍ، واستشهادٍ، وإنما هي مصيبةٌ بحَسَب ٱعتقاد المنافقين ونَظَرِهِمُ الفاسِدِ، وإنَّما الشهادةُ في الحقيقَةِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّه سبحانه؛ لِحُسْنِ مآلها، و { شَهِيداً }: معناه: مُشَاهِداً.

وقوله تعالى: { وَلَئِنْ أَصَـٰبَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ }، أي: ظَفِرْتم وغَنِمْتم، نَدِمَ المنافقُ، وقال: { يَـٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً } متمنِّياً شيئاً قد كان عَاهَدَ أنْ يفعله، ثم غَدَرَ في عَهْدِهِ.

وقوله تعالى: { كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ }: التفاتةٌ بليغةٌ، وٱعتراضٌ بَيْنَ القائلِ والمَقُولِ بِلفظ يُظْهِرُ زيادةً في قُبْحِ فعلهم، وقال الزَّجَّاج: قوله: «كأنْ لم يكُنْ بينكم وبينه مودة» مؤخَّر، وإنما موضعه: «فإنْ أصابَتْكُمْ مصيبةٌ»،

قال * ع *: وهذا ضعيفٌ؛ لأنه يُفْسِدُ فصاحةَ الكَلاَم.

قال * ص *: وقوله: { فَأَفُوزَ } بالنصبِ: هو جوابُ التمنِّي. انتهى.