التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٢
غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
٣
مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ
٤
كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ
٥
-غافر

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { حـمۤ }: تقدَّم القولُ في الحُرُوفِ المقطَّعَةِ، ويَخْتَصُّ هذا المَوْضِعُ بقولٍ آخرَ قاله الضَّحَّاكُ والكسائي؛ أنَّ { حـمۤ } هِجَاءُ (حُمَّ) ـــ بضم الحاء وتشديد الميم المفتوحةِ ـــ؛ كأنه يقولُ: حُمَّ الأَمْرُ وَوَقَعَ تنزيلُ الكِتَابِ مِنَ اللَّهِ، وقال ابن عَبَّاسٍ: الر، وحمۤ، ونۤ، هي حروفُ الرحمٰن مقطَّعةٌ في سُورٍ، وسأَل أعرابيٌّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن حمۤ ما هو؟ فقال: بَدْءُ أَسْمَاءٍ، وَفَواتِحُ سُوَرٍ، و{ ذِى ٱلطَّوْلِ } معناه: ذي التَطَوُّلِ والمَنِّ بكلِّ نعمةٍ، فَلاَ خَيْرَ إلاَّ مِنْهُ سبحانَهُ، فَتَرَتَّبَ في هٰذِهِ الآيةِ وعيدٌ بَيْنَ وَعْدَيْنِ، وهكذا رحمتُهُ سبحانه تَغْلِبُ غَضَبَهُ، قال * ع *: سمعتُ هذه النَّزْعَةَ مِنْ أبي ـــ رحمه اللَّه ـــ وهُوَ نحوٌ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ ـــ رضي اللَّه عنه ـــ: «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» * ت *: هو حديثٌ، والطَّوْلُ: الإنْعَامُ، وعبارةُ البخاريِّ: الطَّوْلُ: التَّفَضُّلُ، وَحَكَى الثعلبيُّ عَنْ أَهْلِ الإشَارَةِ أنَّه تعالى: غافرُ الذَّنْبِ فَضْلاً، وقابِلُ التَّوْبِ وَعْداً، شَدِيدُ العقابِ عَدْلاً، لا إلَهَ إلاَّ هو إليه المصيرُ فَرْداً، وقال ابن عبَّاس: الطَّولُ: السَّعَةُ، والغِنى، وتقلب الذين كفروا في البلاد: عبارَةٌ عَنْ تَمَتُّعِهِمْ بالمَسَاكِنِ والمَزَارِعِ والأَسْفَارِ وغَيْرِ ذَلِكَ، { وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } أي: لِيُهْلِكُوهُ، كما قال تعالى: { فَأَخَذَتْهُمُ }، والعربُ تقولُ لِلْقَتِيلِ: أُخِذَ، ولِلأَسيرِ كَذَلِكَ؛ قال قتادة: { لِيَأْخُذُوهُ } مَعْنَاهُ: لِيَقْتُلُوهُ، و{ لِيُدْحِضُواْ } معناهُ ليُزْلِقُوا ويَذْهَبُوا، والمَدْحَضَةُ: المَزَلَّةُ، والمَزْلَقَةُ.

وقوله: { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }: تَعْجِيبٌ وتعظيمٌ، وليس باسْتفهامٍ عن كيفيَّة وقوع الأَمْرِ.