التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
١٥٩
مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
١٦٠
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٦١
-الأنعام

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ }، قال ابن عباس وغيره: المراد بـ «الذين» اليهود والنصارَىٰ، أي: فَرَّقوا دين إبراهيم، ووَصَفَهم بـ «الشِّيَعِ»؛ إذ كل طائفة منهم لها فرق وٱختلافاتٌ، ففي الآية حضٌّ للمؤمنين على الائتلاف وتركِ الاختلافِ، وقال أبو الأحْوَص وأم سلمة زوجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: الآية في أهْل البدع والأهواء والفتنِ، ومَنْ جرَىٰ مَجْراهم من أمة نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، أي: فَرَّقوا دين الإسلام، وقرأ حمزة والكسائيُّ: «فارَقُوا»، ومعناه: تركوا.

وقوله تعالى: { لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ }: أي: لا تشفع لهم، ولا لهم بك تعلُّق، وهذا على الإطلاق في الكفَّار، وعلى جهة المبالغة في العُصَاة.

وقوله سبحانه: { إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ... } الآية: وعيدٌ محضٌ، وقال السدي: هذه آية لم يؤمر فيها بقتالٍ، فهي منسوخة بالقتال.

قال * ع *: الآية خبر لا يدخله نسخٌ، ولكنها تضمَّنت بالمعنَىٰ أمراً بموادعةٍ، فيشبه أنْ يقال: إن النسخ وقع في ذلك المعنَى الذي قد تقرَّر نسخه في آيات أخرَىٰ.

وقوله سبحانه: { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا... } الآية: قال ابن مسعود وغيره: { ٱلْحَسَنَةَ } هنا: «لا إله إلا اللَّه»، و { ٱلسَّيِّئَةُ }: الكفر.

قال: * ع *: وهذه هي الغاية من الطرفَيْنِ، وقالت فرقة: ذلك لفظٌ عامٌّ في جميع الحسناتِ والسيئاتِ، وهذا هو الظاهر، وتقديرُ الآية: مَنْ جاء بالحسنة، فله ثوابُ عَشْرِ أمثالها، وقرأ يعقوبُ وغيره: «فَلَهُ عَشْرٌ» ـــ بالتنوين ـــ «أَمْثَالُهَا» ـــ بالرفع ـــ.

وقوله تعالى: { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ... } الآية: في غاية الوضوحِ والبيانِ، و { قِيَماً }: نعت للدِّين، ومعناه: مستقيماً، و { مِلَّةَ }: بدلٌ من الدِّين.