التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
١
-الأنفال

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قوله عز وجل: { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنفَالِ... } الآية، النَّفَلُ والنَّافلة، في كلام العرب: الزِّيَادَةُ على الواجب، والأكثرُ في هذه الآيةِ أنَّ السؤال إِنما هو عَنْ حُكْمِ الأَنفال، وقالَتْ فرقةٌ: إنما سألوه الأَنْفَالَ نفْسَها؛ محتجِّين بقراءة سعد بن أبي وقَّاص وغيره: «يَسْئَلُونَكَ الأَنْفَالَ» وعن أبي أمامة الباهليِّ، قال: سَأَلْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الأَنْفَال، فَقَالَ: فِينَا - أَهْلَ بَدْر - نَزَلَتْ، حِينَ ٱخْتَلَفْنَا، وَسَاءَتْ أَخْلاَقُنَا، فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِيَنَا، وَجَعَلَهُ إِلَى رَسُوله صلى الله عليه وسلم وقَسَمَهُ عليه السلام - بَيْنَ المُسْلِمينَ عَلَى بَوَاءٍ - يريد: على سَوَاءٍ - فكان في ذَلِكَ تَقْوَى اللَّه وطَاعَةُ رسوله، وصلاحُ ذات البين.

قال * ع *: ويجيء مِنْ مجموع الآثار المذكُورة هنا؛ أن نفوسَ أهْلِ بدر تنافَرَتْ، ووقع فيها ما يَقَعُ في نفوس البَشَرِ؛ مِنْ إِرادة الأثرة، لا سيَّمَا مَنْ أَبْلَى، فأنزل اللَّه عزَّ وجَلَّ الآيةَ، فَرضِيَ المسلمون، وسَلَّموا، فأصْلَح ذاتَ بينهم، ورَدَّ عليهم غنائمهم.

قال بعضُ أهل التأويل؛ عكرمة، ومجاهد: كان هذا الحُكْمُ من اللَّه سبحانه لِرَفْعِ الشَّغَبِ ثم نُسِخَ بقوله: { { وَٱعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ } [الأنفال:41]. وهذا أولَى الأقوال وأصحُّها.

وقوله سبحانه: { وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ }: تصريحٌ بأنه شَجَرَ بينهم اخْتِلاَفٌ، ومالت النفوس إِلى التَّشَاحِّ، و{ ذَاتَ } في هذا المَوْضِعِ يُرَادُ بها نَفْسُ الشيء وحقيقته، والذي يُفْهَمُ من { بَيْنِكُمْ } هو معنى يعم جَمِيعَ الوُصَلِ، والالْتِحَامَات، والمَوَدَّات، وذات ذلك هو المَأْمُور بإِصلاحها، أي: نفسه وعينه، وباقي الآية بَيِّنٌ.