التفاسير

< >
عرض

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٧
ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ
١٨
إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٩
-الأنفال

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } هذه الآية تَرِدُ على من يزعم أن أَفْعَالَ العباد خَلْقٌ لهم، ومذهب أهل السنة أنها خلق للرب سبحانه كسْبٌ للعبد؛ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ يومئذٍ ثلاث قَبَضَاتٍ من حَصًى وتُرَابٍ، فرمى بها في وجوه القوم، فانهزموا عند آخر رمْيَةِ، ويروى أنه قال يوم بدر: « شَاهَتِ الوُجُوهُ » وهذه الفعلة أيضاً كانت يوم «حُنَيْن» بلا خلاف.

و{ لِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي: ليصيبهم ببلاء حَسَنٍ، وظاهر وصفه بالحسن يقتضي أنه أراد الغنيمة، والظفر، والغزة.

{ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } لاستغاثتكم، { عَلِيمٌ } بوجوه الحكمة في جميع أفعاله لا إلٰه إلا هو.

وقوله سبحانه: { ذَٰلِكُمْ } إشارة إلى ما تقدم من قَتْلِ اللَّه لهم، ورميه إياهم، وموضع { ذَٰلِكُمْ } من الإعراب رفع.

قال سيبويه: التقدير: الأمر ذلكم، و{ مُوهِنُ } معناه مضعف مبطل.

وقوله سبحانه: { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءَكُمُ ٱلْفَتْحُ... } الآية:، قال أكثر المتأولين: هذه الآية مخاطبة لكفار «مكة»؛ روي أن قريشاً لما عَزَمُوا على الخروج إلى حِمَايَةِ العِيرِ، تعلقوا بأستار الكعبة، واستفتحوا، وروي أن أبا جَهْلٍ قال صبيحة يوم بدر: اللهم ٱنْصُرْ أَحَبَّ الفئتين إليك، وأظهر خَيْرَ الدِّينَيْنِ عندك، اللهم أَقْطَعُنَا للرحم فَأَحْنِهِ الغَدَاةَ، ونحو هذا فقال اللَّه لهم: إن تطلبوا الفَتْحَ فقد جاءكم، أي: كما ترونه عليكم لاَ لَكُمْ، وفي هذا توبيخ لهم، وإن تنتهوا عن كفركم وغيكم فهو خَيْرٌ لكم، وإن تعودوا للاستفتاح نَعُدْ بمثل وَقْعَةِ بدر، وباقي الآية بَيِّنٌ.