التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٢٨
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ
١٢٩
-التوبة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله عز وجل: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ... } الآية مخاطبةٌ للعرب في قول الجمهور، وهذا على جهة تعديدِ النعمة عَلَيْهِمْ؛ إِذْ جاءَهم بلسانِهِمْ، وبما يفهمونه منَ الأَغراض والفصاحةِ، وشُرِّفوا به غَابِرَ الدهْرِ.

وقوله: { مِّنْ أَنفُسِكُمْ }: يقتضي مدْحاً لنسبه صلى الله عليه وسلم، وأنه من صميمِ العَرَبِ، وشَرَفِها، وقرأ عبد اللَّه بن قُسَيْطٍ المَكِّيُّ: «مِنْ أَنْفَسِكُمْ» - بفتح الفاء -؛ من النَّفَاسة، ورويتْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقوله: { مَا عَنِتُّمْ }: معناه عَنَتُكُمْ؛ فـــ «ما» مصدريةٌ، والعَنَت: المشقَّة، وهي هنا لفظةٌ عامَّة، أي: عزيز عليه مَا شَقَّ عليكم: مِنْ قتلٍ وإِسارٍ وٱمتحانٍ؛ بحسب الحَقِّ وٱعتقادكم أيضاً معه، { حَرِيصٌ َلَيْكُم } أي: علَى إيمانكم وهداكم.

وقوله: { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ } أي: مبالغٌ في الشفقة عليهم، قال أبو عُبَيْدة: الرَّأْفَة أرقُّ الرحمة.

ثم خاطَبَ بحانه نبيَّه بقوله: { فَإِن تَوَلَّوْاْ }، أي: أعرضوا، { فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }: هذه الآية من آخر مَا نَزَلَ، وصلى اللَّه علَى سَيِّدنا ومولانا محمَّد وعلَى آله وصَحْبه وسَلَّم تسليماً كثيراً، ولا حول ولا قوة إلاَّ باللَّه العلي العظيم.