التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ
٧٨
فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ
٧٩
-الحجر

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } "إنْ" هي المخففة، واللام فارقة وهي للتأكيد، وقد تقدَّم حكم ذلك [البقرة:143].
و"الأيْكَة": الشَّجرة الملتفَّّة، واحدة الإيْكِ. قال: [الكامل]

3290ـ تَجْلُو بِقَادمتَي حَمامَةِ أيْكَةٍ بَرَداً أسِفَّ لِثاتهُ بالإثْمِدِ

ويقال: لَيْكَة، وسيأتي بيانه عند اختلاف القرَّاء فيه الشعراء: [176] إن شاء الله ـ تعالى ـ.
وأصحاب الأيكة: قوم شعيب كانوا أصحاب غياضٍ، وشجرٍ متلفٍّ.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: وكان عامة شجرهم الدوم، وهو المقل.
{ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بالعذاب.
روي أنَّ الله ـ تعالى ـ سلَّط عليهم الحر سبعة أيَّام، فبعث الله ـ سبحانه ـ سحابة فالتجئوا إليها يلتمسون الرَّوْحَ؛ فبعث الله عليهم منها ناراً، فأحرقتهم، فهو عذابُ يوم الظُّلة.
قوله تعالى: { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } في ضمير التثنية أقوال:
أرجحها: عوده على [قريتي] قوم لوطٍ، وأصحاب الأيكةِ، وهم: قوم شعيبٍ؛ لتقدُّمها ذكراً.
وقيل: يعود على لوطٍ وشعيبٍ، [وشعيبٌ] لم يجر له ذكر، ولكن دلَّ عليه ذكر قومه.
وقيل: يعود على الخبرين: خبر هلاك قوم لوطٍ، وخبر إهلاك قوم شعيبٍ.
وقيل: يعود على أصحاب الأيكةِ، وأصحاب مدين؛ لأنه مرسلٌ إليهما، فذكر أحدهما يشعر بالأخرى.
وقوله ـ جل ذكره ـ { لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } أي: بطريق واضح، والإمام [اسم لما] يؤتمُّ به.
قال الفراء، والزجاج: "إنَّما جعل الطَّريقُ إماماً؛ لأنه يؤمُّ، ويتبع".
قال ابن قتيبة: لأنَّ المسافر يأتمُّ به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده.
وقوله: "مُبينٍ" يحتمل أنه مبين في نفسه، ويحتمل أنه مبين لغيره، لأن الطريق تهدي إلى المقصد.