مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
الصفحة الرئيسية
>
مكتبة التفاسير
>
كتب التفاسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
١٨٨
-البقرة
أضف للمقارنة
اللباب في علوم الكتاب
قوله: { بَيْنَكُم }: في هذا الظرف وجهان:
أحدهما: أن يتعلَّق بـ"تَأْكُلُوا" بمعنى: لا تَتَنَاقَلُوهَا فيما بينكم بالأكل.
والثاني: أنه متعلِّق بمحذوفٍ؛ لأنه حالٌ من "أمْوَالِكُمْ" أي: لا تأْكُلُوهَا كائنةً بينكم، وقدَّره أبو البقاء أيضاً بكائنةٍ بينكم، أو دائرةً بينكم؛ وهو في المعنى كقوله:
{ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ }
[البقرة: 282]، وفي تقدير "دَائِرَةً" - وهو كونٌ مقيَّدٌ - نظرٌ، إلاَّ أن يقال: دلَّت الحال عليه.
قوله: "بالبَاطِلِ" فيه وجهان:
أحدهما: تعلُّقه بالفعل، أي: لا تأخذوها بالسبب الباطل.
الثاني: أن يكون حالاً؛ فيتعلَّق بمحذوفٍ، ولكن في صاحبها احتمالان:
أحدهما: أنه المال؛ كأنَّ المعنى: لا تَأْكُلُوهَا ملتبسَةً بالباطِل.
والثاني: أن يكون الضمير في "تَأْكُلُوا" كأنَّ المعنى: لا تَأْكُلُوها مُبْطِلِينَ، أي: مُلْتَبِسينَ بالبَاطِلِ.
فصل في سبب نزول الآية
قيل: نزلت هذه الآية في
"امرئ القيس بن عابس الكندي، ادعى عليه ربيعة بن عَبْدَان الحَضْرَميُّ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً، فقال: إنه غلبني عليها، فقال النَّبيُّ - صلوات الله وسلامه عليه دائماً أبداً - للحضرميِّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قال: لا؛ قال: فَلَكَ يَمِينُهُ فانطلق ليحلف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَا إنْ يَحْلِفْ عَلَى مَالِهِ، ليَأْكُلَهُ ظُلْماً، ليَلْقَيَنَّ اللَّهَ، وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ فأنزل الله { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ }"
أي: لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل، أي: من غير الوجه الذي أباحه الله، و"البَاطِلُ" في اللغة الذَّاهِبُ الزائل، يقال: بَطَل الشَّيْءُ بُطُولاً وبُطْلاناً، فهو باطلٌ، وجمع الباطل: بَوَاطِلُ، وأَبَاطِيلُ جمع أُبْطُولَة، يقال: بَطَل الأجير يَبْطُل بطالةً، إذا تعطَّل، وتَبَطَّل: اتَّبع اللَّهو، وأبْطَلَ فلانٌ، إذا جاء بالبَاطِل، وقوله تعالى:
{ لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ }
[فصلت: 42] قال قتادة: هو إبليسُ؛ لا يزيد في القرآن، ولا ينقص، وقوله عزَّ وجلَّ
{ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ }
[الشورى: 24] يعني: الشِّرك، والبَطَلَةُ: السَّحَرةُ.
قوله: "لاَ تَأْكُلُوا" ليس المراد منه الأكل خاصَّة؛ لأنَّ غير الأكل من التصرّفات؛ كالأكل في هذا الباب، لكنَّه لمَّا كان المقصود الأعظم من المال، إنَّما هو الأكل، وصار العرف فيمن أنفق ماله، أن يقال: أكله؛ فلهذا عبَّر عنه بالأكل.
فصل فيما يحل ويحرم من الأموال
قال الغزاليُّ -
رحمه الله
تعالى - في كتاب "الإحياء": المال إنَّما يحرم إما لمعنًى في عينه، أو لخللٍ في جهة اكتسابه.
فالقسم الأول: الحرام لمعنىً في عينه.
اعلم أنَ الأموال: إمَّا أن تكون من المعادن، أو من النبات، أو من الحيوانات.
أما المعادن وهي أجزاء الأرض فلا يحرم شيءٌ منها، إلاَّ من حيث يضر بالأكل وبعضها ما يجري مجرى السَّمِّ.
وأما النباتُ: فلا يحرم منه إلاَّ ما يزيل الحياة، أو الصِّحَّة، أو العقل.
فمزيل الحياة: كالسُّموم، ومزيل الصِّحَّة: الأدوية في غير وقتها، ومزيل العقل: الخمر، والبنج، وسائر المسكرات.
وأما الحيوانات: فتقسم إلى ما يؤكل، وإلى ما لا يؤكل.
وما يؤكل: إنَّما يحلُّ، إذا ذكِّي ذكاته الشَّرعيَّة، ثم إذا ذُكِّيت، فلا تحلُّ جميع أجزائها، بل يحرمُ منها الدَّم، والفَرْثُ.
القسم الثاني: ما يحرم لخللٍ في جهة إثبات اليد عليه، فنقول:
أخذ المال: إما أن يكون باختيار المالك أو بغير اختياره؛ كالإرث، والذي باخيتاره: إما أن يكون مأخوذاً بأمر مالكه، وإمَّا أن يكون قهراً، أو بالتَّراضي.
والمأخوذ قهراً: إما أن يكون لسقوط عصمة المالك؛ كالغنائم، أو باستحقاق الأخذ؛ كزكاة الممتنعين، والنفقات الواجبة عليهم.
والمأخوذ تراضياً: إما أن يؤخذ بعوضٍ، كالبيع، والصَّداق، والأُجرة، وإما أن يؤخذ بغير عوض؛ كالهبة، والوصيَّة.
فحصل من هذا التَّقسيم أقسامٌ ستةٌ:
الأول: ما يؤخذ من غير ملكٍ؛ كنيل المعادن، وإحياء الموات، والاصطياد، والاحتطاب، والاستقاء من الأنهار، والاحتشاش؛ فهذا حلالٌ، لا يكون المأخوذ مختصَّاً بذي حرمة من الآدميِّين.
الثاني: المأخوذ قهراً ممَّن لا حرمة له، وهو الفيءُ والغنيمة وسائر أموال الكُفَّار والمحاربين، فذلك حلالٌ للمسلمين، إذا أخرجوا منه الخمس، وقسّموه بين المستحقِّين بالعدل، ولم يأخذوه ممَّن كان له حرمةٌ بأمانٍ، أو عهدٍ.
الثالث: ما يؤخذ قهراً باستحقاق عند امتناع من هو عليه فيؤخذ دون عطائه؛ وذلك حلالٌ؛ إذا تَمَّ سبب الاستحقاق، وتَمَّ وصف المستحقِّ، واقتصر على قدر المستحقِّ.
الرابع: ما يؤخذ تراضياً بمعاوضة، فهو حلالٌ، إذا روعِيَ شرط العوضين، وشرط العاقدين، وشرط اللَّفظين، أعني: الإيجاب والقبول عند من يشترطهما، مع ما قيَّد الشَّرع به من اجتناب الشُّروط المفسدة.
الخامس: ما يؤخذ بالرِّضَا من غير عوضٍ؛ كما في الهبة، والوصيَّة، والصَّدقة، إذا روعيَ شرط المعقود عليه، وشرط العاقدين، ولم يؤدِّ إلى ضرر.
السادس: ما يحصل بغير اختياره؛ كالميراث، وهو حلالٌ، إذا كان المورِّث قد اكتسب المال من بعض الجهات الخمس على وجه الحلال، ثم كان ذلك بعد قضاء الدَّين، وتنفيذ الوصايا، وتعديل القسمة من الورثة، وإخراج الزَّكاة، والحجِّ والكفَّارة الواجبة، فهذه مجامع مداخل الحلال، وكُلُّ ما كان بخلاف ذلك كان حراماً.
إذا عرفت ذلك، فنقول: المال: إما أن يكون له، أو لغيره.
فإن كان لغيره: كان حرمته لأجل الوجوه السِّتَّة المذكورة، وإن كان له، فأكله بالحرام: إما بأن يصرفه في شرب الخمر، أو الزِّنا، أو اللِّواط، أو القمار، أو الشُّرب المحرَّم؛ وكلُّ هذه الأقسام داخلةٌ تحت قوله { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا }.
قوله: وَتُدْلُوا بِهَا" في "تُدْلُوا" ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه مجزومٌ عطفاً على ما قبله؛ ويؤيِّده قراءة أُبيٍّ: "وَلاَ تُدْلُوا" بإعادة لا الناهية.
والثاني: أنه منصوبٌ على الصَّرف، وقد تقدَّم معنى ذلك، وأنه مذهب الكوفِيِّين، وأنه لم يثبت بدليل.
والثالث: أنه منصوبٌ بإضمار "أنْ" في جواب النهي، وهذا مذهب الأخفش، وجوَّزه ابن عطيَّة والزَّمخشريُّ، ومَكِّيٌّ، وأبو البقاء، قال أبو حيَّان: "وأمَّا إعراب الأَخْفَشِ، وتجويزُ الزمخشريِّ ذلك هنا، فتلك مسألة: "لاَ تَأْكُلِ السَّمَكَ، وتَشْرَب اللَّبَنَ" قال النحويُّون: إذا نصب، كان الكلام نهياً عن الجمع بينهما، وهذا المعنى: لا يصحُّ في الآية لوجهين:
أحدهما: أنَّ النهي عن الجمع لا يستلزم النَّهي عن كلِّ واحدٍ منهما على انفراده، والنَّهي عن كلِّ واحدٍ منهما يستلزم النَّهي عن الجمع بينهما؛ لأن الجمع بينهما حصول كلِّ واحدٍ منهما، وكلُّ واحدٍ منهما منهيٌّ عنه ضرورةً؛ إلا ترى أنَّ أكل المال بالباطل حرامٌ سواءٌ أفرد أم جمع مغ غيره من المحرَّمات؟
والثاني - وهو أقوى-: أنَّ قوله "لِتَأْكُلُوا" علَّةٌ لما قبلها، فلو كان النهيُ عن الجمع، لم تصحَّ العلّةُ له؛ لأنَّه مركَّبٌ من شيئين، لا تصحُّ العلَّة أن تترتَّب على وجودهما، بل إنما تترتَّب على وجود أحدهما: وهو الإدلاء بالأموال إلى الحكام".
والإدلاء مأخوذٌ من إدلاء الدَّلو، وهو إرساله إلى البئر؛ للاستقاء؛ يقال: "أدْلَى دَلْوَهُ" إذا أرسلها، ودَلاَهَا: إذا أخْرَجَها، ثم جُعِلَ كُلُّ إلقاء قول أو فعل إدلاء؛ ومنه يقال للمحتجِّ أدْلَى بِحُجَّتِهِ، كأنه يرسلها، ليصل إلى مراده؛ كإدلاء المستقي الدلو؛ ليصل إلى مطلوبه من الماء، وفلانٌ يدلي إلى الميِّت بقرابة، أو رحم؛ إذا كان منتسباً، فيطلب الميراث بتلك النِّسبة.
و"بِهَا" متعلِّقٌ بـ"تُدْلُوا" وفي الباء قولان:
أحدهما: أنها للتعدية، أي لترسلوا بها إلى الحكَّام.
والثاني: أنَّها للسبب؛ بمعنى أن المراد بالإدلاء الإسراع بالخصومة في الأموال؛ إمَّا لعدم بيِّنةٍ عليها، أو بكونها أمانةً؛ كمال الأيتام، والضمير في "بِهَا": الظاهر أنه للأموال: وقيل: إنه لشهادة الزُّور؛ لدلالة السِّياق عليها، وليس بشيء.
و"مِنْ أَمْوَال" في محلّ نصبٍ صفةً لـ"فَرِيقاً" أي: فريقاً كائناً من أمْوَالِ النَّاس.
قوله: "بالإِثْم" تحتمل هذه الباء: أن تكون للسَّبب، فتتعلَّق بقوله: "لِتَأْكُلُوا" وأن تكون للمصاحبة، فتكون حالاً من الفاعل في "لتَأْكُلُوا وتتعلق بمحذوفٍ أي: لِتَأْكُلُوا ملتبسين بالإثم.
فصل في سبب تسمية الرشوة بالإدلاء
في تسمية الرَّشوة بالإدلاء وجهان:
أحدهما: أن الرَّشوة تقرِّب البعيد من الحاجة؛ كما أنَّ الدَّلو المملوء يصل من البعيد إلى القريب بواسطة الرِّشاء، فالمقصود البعيد يصير قريباً، بسبب الرَّشوة.
والثاني: أن الحاكم بسبب أخذ الرّشوة يمضي في ذلك الحكم من غير تثبُّت؛ كمضيِّ الدَّلو في الرِّشاء، ثم المفسِّرون ذكروا وجوهاً؟
أحدها: قال ابن عبَّاس، والحسن -
رضي الله عنه
ما - وقتادة: المراد منه الودائعُ، وما لا يقوم عليه البيِّنة.
وثانيها: أن المراد هو مال اليتيم في يد الأوصياء يدفعون بعضه إلى الحاكم، ليبقى لهم بعضه.
وثالثها: قال الكلبيُّ: المراد بالإدلاء إلى الحكَّام: هو شهادة الزُّور
ورابعها: قال الحسن: هو أن يحلف؛ ليذهب حقَّه؛ كما تقدَّم في سبب النُّزول.
وخامسها: وهو أن يدفع إلى الحاكم رشوة، وهذا أقرب إلى الظاهر، ولا يبعد حمل اللفظ على الكُلِّ؛ لأنها بأسرها أكلٌ للمال بالباطل.
وقوله "فَريقاً" أي: طائفةً من أموال النَّاس، والمراد "بالإثْمِ" الظلمُ، وقال ابن عبَّاس -
رضي الله عنه
ما - "الإثْمُ" هنا هو اليمين الكاذبة
فصل في الفسق بأخذ ما يطلق عليه اسم مال
قال القرطبيُّ: اتَّفق أهل السُّنَّة على أنَّ من أخذ ما وقع عليه اسم مالٍ، قلَّ أو كثر، فإنَّه يفسَّق بذلك، وأنه يحرم عليه أخذه؛ خلافاً لبشر من المعتمر، ومن تابعه من المعتزلة؛ حيث قالوا: إنَّ المكلَّف لا يفسَّق إلاَّ بأخذ مائتي درهمٍ، ولا يفسَّق بدون ذلك. وقال ابن الجُبَّائيِّ: لا يفسَّق إلاَّ بأخذ عشرة دراهم، ولا يفسَّق بما دونها.
وقال أبو الهُذَيْلِ: يفسَّق بأخذ خمسة دراهم، فما فوقه، ولا يفسَّق بما دونها، وهذا كلّه مردودٌ بالقرآن، والسُّنَّة، وباتفاق علماء الأمَّة بقوله - عليه الصَّلاة والسَّلام -:
"إنَّ دمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ"
وقوله تعالى: "وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" جملةٌ في محلِّ نصبٍ على الحال من فاعل "لِتَأْكُلُوا" وذلك على رأي من يجيز تعدُّد الحال، وأمَّا من لا يجيز ذلك، فيجعل "بالإثْمِ" غير حالٍ.
والمعنى: وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّكُمْ مُبْطِلُون، ولا شكَّ أن الإقدامَ على القبيح، مع العلم بقبحه أقبح، وصاحبه بالتَّوبيخ أحقُّ، وروي عن أبي هريرة -
رضي الله عنه
- أنه قال:
"اختصَمَ رَجُلاَن إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، عالمٌ بالخُصُومة، وجاهلٌ بها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للعالم، فقال مَنْ قَضِيَ عليه: يَا رَسُولَ اللَّهِ، والَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، إنِّي مُحِقٌّ بحَقٍّ فقال: إن شِئْتَ أُعَاوِدُهُ، فَعَاوَدَهُ، فَقَضَى لِلعَالِم، فقال المَقْضِيُّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلاً، ثُمَ عَاوَدَهُ ثَالِثاً، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امرئ مُسْلِم بخصومته، فإنَّما اقتطع قطعةً من النَّارِ فقال العالمُ المقضِيُّ له: يا رَسُولَ الله، إنَّ الحقَّ حقُّه، فقال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: مَنِ اقْتَطَعَ بِخُصُومَتِهِ وجَدَلِهِ حَقَّ غَيْرِهِ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"
وعن أمِّ سلمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وشرَّف، وكرَّم، وبجَّل، ومجَّد، وعظَّم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إليَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْو مَا أَسْمَع مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَلاَ يَأْخُذَنَّهُ؛ فإنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ"
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة