مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
الصفحة الرئيسية
>
مكتبة التفاسير
>
كتب التفاسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٢٨
-البقرة
أضف للمقارنة
اللباب في علوم الكتاب
اعلم أنه - تعالى - لما تكلَّم في دلائل التوحيد، والنبوة، والمعاد شَرَعَ في شَرْحِ النعم التي عمت جميع المكلفين. فالمراد بهذا الاستخبار التَّبْكيت والتعنيف.
قوله: "كيف" استفهام يسأل به عن الأحوال، وبني لتضمنه معنى الهمزة، وبني على أخف الحركات، وكان سبيلها أنْ تكون ساكنةً؛ لأن فيها معنى الاستفهام الذي معناه التعجب.
وشذّ دخول حرف الجر عليها، قالوا: "على كيف تبيعُ الأَحْمَرَينِ".
وكونها شرطاً قليل، ولا يجزم بها خلافاً للكوفيين، وإذا أبدل منها اسم، أو وقع جواباً، فهو منصوبٌ إن كان بعدها فعل متسلّط عليها نحو كيف قمت. أصحيحاً أم سقيماً؟ وكيف سرت؟ فتقول: رَاشِداً، وإلا فمرفوعان نحو: كيد زيد؟ أصحيح أم سقيم؟ وإن وقع بعدها اسم مسؤول عنه بها، فهو مبتدأ، وهي خبر مقدم، نحو: كيف زيد؟
وقد يحذف الفعل بعدها، قال تعالى:
{
{ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا }
[التوبة: 8] أي: كيف تُوَالُونَهُمْ؟.
وكيف في هذه الآية منصوبة على التشبيه بالظرف عند سيبويه، أي: في أي حالة تكفرون؟ وعلى الحال عند الأخفش. أي: على أي حال تكفرون؟ والعامل فيها على القولين "تكفرون"، وصاحب الحال الضمير في "تكفرون".
ولم يذكر أبو البقاء غير مذهب الأخفش، ثم قال: والتقدير: معاندين تكفرون؟ وفي هذا التقدير نظر؛ إذ يذهب معه معنى الاستفهام المقصُود به التعجّب، أو التوبيخ، أو الإنكار.
قال الزمخشري بعد أن جعل الاستفهام للإنكار: وتحريره أنه إذا أنكر أن يكون لكفرهم حال يوجد عليها، وقد علم أن كلّ موجود لاَ بُدَّ له من حالٍ، ومُحَالٌ أن يوجد بغير صفة من الصفات كان إنكاراً لوجوده على الطريق البرهاني.
وفي الكلام التفات من الغيبة في قوله "وأَما الَّذين كَفَروا" إلى آخره إلى الخطاب في قوله: "تَكْفُرُونَ" و "كُنْتُم".
وفائدته: أن الإنكار إذا توجّه إلى المخاطب كان أبلغ.
وجاء "تَكْفُرُون" مضارعاً لا ماضياً؛ لأن المنكر الدّوام على الكفر، والمُضَارع هو المشعر بذلك، ولئلا يكون ذلك توبيخاً لمن آمن بعد كفر. و "كَفَر" يتعدّى بحرف الجر نحو: "تَكْفُرُونَ باللهِ"
{
{ تَكْفُرُونَ بِئآيَٰتِ ٱللَّهِ }
[آل عمران: 70]
{
{ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ }
[فصلت: 41] وقد يتعدّى بنفسه في قوله تعالى:
{
{ أَلاَ إِنَّ ثَمُودَاْ كَفَرُواْ رَبَّهُمْ }
[هود: 68] وذلك لما ضمن معنى جحدوا.
فإن قيل: كيف يجوز أن يكون هذا الخطاب لأهل الكتاب، وهم لم يكفروا بالله؟
فالجواب أنهم [لما] لم يسمعوا أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يصدقوه فيما جاء به، فقد أشركوا؛ لأنهم لم يقروا بأن القرآن من عند الله، ومن يزعم أن القرآن من كلام البشر، فقد أشرك بالله، وصار ناقضاً للعَهْدِ.
فصل في الرد على المعتزلة
قال المعتزلة: هذه الآية تدلّ على أن الكفر من قبل العباد من وجوه:
أحدها: أنه - تعالى - لو كان هو الخالق للكفر فيهم لما جاز أن يقول: { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ } موبخاً لهم، كما لا يجوز أن يقول: كيف تَسْوَدُّونَ وتبيضون وتصحون وتسقمون لما كان ذلك كله من خلقه فيهم.
وثانيها: إذا كان خلقهم أولاً للشقاء والنار، وما أراد بخلقهم إلاّ الكفر وإرادة الوقوع في النَّار، فكيف يصح أن يقول موبخاً لهم: "كيف تكفرون"؟.
وثالثها: أنه - تعالى - إذا قال للعبيد كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ، فهذا الكلام إما أن يكون موجهاً للحجّة على العبد، وطلباً للجواب منه، أو ليس كذلك، فإن لم يكن لطلب هذا المعنى لم يكن في ذكره فائدة، فيكون هذا الخطاب عبثاً، وإن ذكره لتوجيه الحجّة على العبد، فللعبد أن يقول: حصل في حقي أمور كثيرة موجبة للكفر.
فالأول: أنك علمت بالكفر منّي، والعلم بالكفر يوجب الكفر.
والثاني: أنك أردت الكفر مني، وهذه الإرادة موجبة له.
والرابع: أنك خلقت فيّ قدرة موجبة للكفر.
والخامس: أنك خلقت فيَّ إرادة موجبة للكفر.
والسادس: أنك خلقت فيَّ قدرة موجبة للإرادة الموجبة للكفر.
ثم لما حصلت هذه الأسباب السّتة في حصول الكفر، فالإيمان متوقّف على حُصُول هذه الأسباب السّتة في طرف الإيمان، وهي بأسْرِهَا كانت مفقودةً، فقد حصل لعدم الإيمان اثنا عشر سبباً واحد منها مستقل [بالمنع من الإيمان] ومع قيام هذه الأَسْبَاب الكثيرة كيف يعقل أن يقال: كيف تكفرون بالله؟ وآيات أخر تأتي في مواضعها إن شاء الله تعالى.
والجواب عن هذا أنّ الله -
سبحانه
- علم أن لا يكون، فلو وجد [لانقلب عليه] جهلاً، وهو محال، ووقوعه محال، وأيضاً فالقدرة على الكفر إن كانت صالحةً للإيمان امتنع كونها مصدراً للإيمان على التعيين إلاّ لمرجح، وذلك المرجّح إن كان من العبد عاد السؤال، وإن كان من الله، فما لم يحصل ذلك المرجح من الله امتنع حصول الكفر، وإذا حصل ذلك المرجح وجب، وعلى هذا يعقل قوله: { كَيْفَ تَكْفُرُونَ } قاله ابن الخطيب.
قوله: { وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ } "الواو": "واو" الحال، وعلامتها أن يصلح موضعها "إذ". [والجملة في] موضع نَصْبٍ على الحال، ولا بد من إضمار "قد" ليصح وقوع الماضي حالاً.
وقال الزمخشري: فإن قلت: كيف صح أن يكون حالاً، وهو ماض؟
قلت: لم تدخل "الواو" على "كُنتُمْ أَمْوَاتاً" وحده، ولكن على جملة قوله: "كُنتُمْ أَمْوَاتاً" إلى "تُرْجَعُونَ" كأنه قيل: كيف تكفرون بالله، وقصتكم هذه، وحالكم أنكم كنتم أمواتاً في أصلاب آبائكم، فجعلكم أحياء، ثم يميتكم بعد هذه الحَيَاة ثم يحييكم بعد الموت، ثم يُحَاسبكم؟.
ثم قال: فإن قلت: بعض القصّة ماض، وبعضها مستقبل، والماضي والمستقبل كلاهما لا يصح أن يقع حالاً حتى يكون فعلاً حاضراً وقت وجود ما هو حال عنه، فما الحاضر الذي وقع حالاً؟
قلت: هو العلم بالقصّة كأنه قيل: كيف تكفرون، وأنتم عالمون بهذه القصة بأولها وآخرها؟.
قال أبو حيان ما معناه: هذا تكلّف، يعني تأويله هذه الجملة بالجملة الاسمية. قال: والذي حمله على ذاك اعتقاده أن الجمل مندرجةٌ في حكم الجملة الأولى، قال: ولا يتعيّن، بل يكون قوله تعالى: "ثُمَّ يُمِيتُكُمْ" وما بعده جملاً مستأنفة أخبر بها - تعالى - لا داخلة تحت الحال، ولذلك غاير بينها وبين ما قبلها من الجمل بحرف العطف، وصيغة الفعل السَّابقين لها في قوله: { وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ }.
و "الفاء" في قوله "فأحياكم" على بابها من التَّعْقيب، و "ثُمَّ" على بابها من التَّرَاخي؛ لأن المراد بالموت الأول العدم السابق، وبالحَيَاة الأولى الخَلْق، وبالموت الثاني المَوْت المعهود، وبالحياة الثانية الحياة للبعث، فجاءت الفاء، و "ثم" على بابهما من "التَّعقيب" والتراخي على هذا التفسير، وهو أحسن الأقوال.
ويعزى لابن عباس وابن مسعود ومجاهد، والرجوع إلى الجزاء أيضاً متراخٍ عن البعث.
قال ابن عطية: وهذا القول هو المُرَاد بالآية، وهو الذي لا مَحِيْدَ للكفار عنه لإقرارهم بهما، وإذا أذعنت نفوس الكُفّار لكونهم أمواتاً معدومين، ثم الإحياء في الدنيا، ثم الإماتة فيها قوي عليهم لزوم الإِحْيَاءِ الآخر، وجاء جحدهم له دعوى لا حُجّة عليها، والحياة التي تكون في القبر على هذا التأويل في حكم الدنيا.
وقيل: لم يعتدّ بها كما لم يعتد بموت من أَمَاتَهُ في الدنيا، ثم أحياهُ في الدنيا.
وقيل: كنتم أمَواتاً في ظهر آدم، ثم أخرجكم من ظهره كالذَّرِّ، ثم يميتكم موت الدنيا، ثم يبعثكم.
وقيل: كنتم أمواتاً - أي نُطَفاً - في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، ثم نقلكم من الأرحام فأحياكم، ثم يميتكم بعد هذه الحياة، ثم يحييكم في القبر للمسألة، ثم يميتكم في القبر، ثم يحييكم حَيَاةَ النشر إلى الحَشْرِ وهي الحياة التي ليس بعدها موت.
قال القرطبي: فعلى هذا التأويل هي ثلاث مَوْتَات، وثلاث إحْيَاءَات، وكونهم موتى في ظهر ابن آدم، وإخراجهم من ظهره والشهادة عليهم غير كونهم نطفاً في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، فعلى هذا تجيء أربع موتات وأربع إحياءات.
وقد قيل: إن الله - تعالى - أوجدهم قبل خلق آدم - عليه الصَّلاة والسّلام - كالهَبَاءُ، ثم أماتهم، فيكون هذا على خمس موتات، وخمس إحياءات، وموتة سادسة للعُصَاة من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلوا النَّار، لحديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أما أَهْلُ النَّارِ الَّذِين هم أهلها فَإِنَّهُمْ لا يَمُوتُونَ فيها ولا يَحْيَوْن، ولكن ناس أصابَتْهُمُ النَّارُ بذنوبهم - أو قال بِخَطَايَاهم - فأماتهم الله إماتَةً حتى إذا كانوا فَحْماً أذن في الشَّفاعة، فجيء بهم ضَبَائر ضَبَائر، فَبُثُّوا على أنهار الجَنَّة ثم قيل: يا أهل الجَنّة أفيضوا عليهم فينبتون نَبَات الحِبَّة تكون في حَمِيْل السّيل"
الحديث.
قال: فقوله: "فأماتهم الله" حقيقة في الموت، لأنه أكّده بالمصدر، وذلك تكريماً لهم.
وقيل: يجوز أن يكون "أماتهم" عبارة عن تغييبهم عن آلامها بالنوم، ولا يكون ذلك موتاً على الحقيقة، والأول أصح، وقد أجمع النحويون على أن الفعل إذا أكّد بالمصدر لم يكن مجازاً، وإنما هو على الحقيقة، كقوله:
{
{ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيماً }
[النساء: 164]، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وقيل: المعنى: وكنتم أمواتاً بالخمول، فأحياكم بأن ذكرتم، وشرفتم بهذا الدين، والنبي الذي جاءكم، ثم يميتكم فيموت ذكركم، ثم يحييكم للبعث.
فصل في أوجه ورود لفظ الموت
قال أبو العَبَّاس المقرىء: ورد لفظ "الموت" على خمسة أوجه:
الأول: بمعنى "النُّطْفة" كهذه الآية.
الثاني: بمعنى "الكفر" قال تعالى:
{
{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ }
[الأنعام: 122] ومثله:
{
{ وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ }
[فاطر: 22].
الثالث: بمعنى "الأرض التي لا نَبَات لها"، قال تعالى:
{
{ وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا }
[يس: 33].
الرابع: بمعنى "الضّم" قال تعالى:
{
{ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ }
[النحل: 20، 21].
الخامس: بمعنى "مفارقة الروح الجسد".
فصل في أوجه ورود لفظ الحياة
الأول: بمعنى دخول الرُّوح في الجَسَدِ كهذه الآية.
الثاني: بمعنى "الإسلام" قال تعالى:
{
{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ }
[الأنعام: 122] أي: هديناه إلى الإسلام.
الثالث: بمعنى "صفاء القلب" قال تعالى:
{
{ ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا }
[الحديد: 17] أي يصفي القلوب بعد سَوَاداها.
الرابع: بمعنى "الإنبات" قال تعالى:
{
{ وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا }
[يس: 33] أي: أنبتناها.
الخامس: بمعنى "حياة الأنفس" قال تعالى:
{
{ يَٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي }
[الفجر: 24].
السادس: بمعنى "العيش" قال تعالى:
{
{ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَٰوةً طَيِّبَةً }
[النحل: 97] أي: لنرزقنّه عيشاً طيباً.
فصل في إثبات عذاب القبر
قال ابن الخطيب: احتج قوم بهذه الآية على بطلان عذاب القَبْرِ، قالوا: لأنه - تعالى - بين أنه يحييهم مَرَّةً في الدنيا، وأخرى في الآخرة، ولم يذكر حياة القبر، ويؤيده قوله:
{
{ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ }
[المؤمنون: 15، 16] ولم يذكر حياةً فيما بين هاتين الحالتين، قالوا: ولا يجوز الاستدلال بقوله تعالى:
{
{ قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ }
[غافر: 11]؛ لأنه قول الكفار، ولأنّ كثيراً من الناس أثبتوا حياة الذَّر في صُلب آدم حين استخرجهم وقال لهم:
{
{ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ }
[الأعراف: 172] وعلى هذا التقدير حصل حَيَاتان وموتتان من غير حَاجَةٍ إلى إثبات حَيَاةٍ في القبر، فالجواب لم يلزم من عدم الفِكْرِ في هذه الآية ألا تكون حاصلة، وأيضاً فلقائل أن يقول: إن الله - تعالى - ذكر حَيَاة القبر في هذا الآية؛ لأن قوله: "ثُمَّ يُحْيِيكُمْ" ليس هو الحياة الدائمة، وإلا لما صح أن يقول: { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون }؛ لأن كلمة "ثُمَّ" تقتضي التَّراخِي، والرجوع إلى الله - تعالى - حاصل عقب الحَيَاةِ الدَّائمة من غير تَرَاخٍ، فلو جعلنا الآية من هذا الوجه دليلاً على حياة القبر كان قريباً.
قوله: { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون } الضمير في "إليه" لله تعالى، وهذا ظاهر؛ لأنه كالضمائر قبله، وثَمَّ مضاف محذوف أي: إلى ثوابه وعقابه.
وقيل: على الجزاء على الأعمال.
وقيل: على المكان الذي يتولّى الله فيه الحكم بينكم.
وقيل: على الإحياء المدلول عليه بـ "أحياكم"، يعني: أنكم ترجعون إلى الحال الأولى التي كنتم عليها في ابتداء الحياة الأولى من كونكم لا تملكون لأنفسكم شيئاً.
والجمهور على قراءة "تُرْجَعُون" مبنياً للمفعول.
وقرأ يحيى بن يعمر: وابن أبي إسحاق، ومُجَاهد، وابن مُحَيصن، وسلام، ويعقوب مبنياً للفاعل حيث جاء.
ووجه القراءتين أن "رجع" يكون قاصراً ومتعدياً فقراءة الجُمْهور من المتعدّي، وهو أرجح؛ لأن أصلها "ثُمَّ إِلَيْهِ مرجعكم" لأن الإسناد في الأفعال السَّابقة لله تَعَالَى، فناسب أن يكون هذا كذا، ولكنه بني للمفعول لأجل الفواصل والمقاطع.
و "أموات" جمع "مَيِّت" وقياسه على فعائل كسيّد وسيائد، والأولى أن يكون "أموات" جمع "مَيْت" مخففاً كـ "أقوال" في جمع "قول"، وقد تقدمت هذه المادّة.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة